الخاتمة
فلــو أنا إذا مُتنا تُركنــــــا *** لكــان المــوت راحـة كل حي
ولكنــا إذا مُتنــا بُعثنـــــا *** فنســأل بعده عــن كل شــيء
------
كانت معرفتي به بسيطة.. أحياناً متفرقة، أراه في المسجد وأياماً كثيرة
لا أراه.. كنت أسلم عليه بحرارة وكنت في شوق إلى معرفته والتحدث إليه..
عندما انصرفنا من صلاة العصر.. وقفت أنا وزميل لي خارج المسجد
نتحدث.. فإذا به قادم.. وسلم على زميلي ثم سلم عليّ.. وبدأ أنهما
على معرفة سابقة.. فقد كانا زميلي دراسة..
تجاذبنا أطراف الحديث وطلبت منهما موعداً لزيارتي في منزلي..
فوافقا واتفقنا على الاجتماع بعد صلاة العصر عداً..
سألت زميلي عنه فحدثني بأنه إنسان فيه خير كثير.. فاستفسرت عن سبب
غيابه عن المسجد أياماً طويلة خاصةً وأنه جار للمسجد.. فأخبرني أن
صديقه هذا له رفقاء سوء في العمل فإذا اتصل بهم تراه يتغيب
عن المسجد ولا يحضر للصلاة وتكثير أسفاره..
وتحدثنا طويلاً عن أفضل الطرق لإبعاده عن رفقاء السوء.. طمأنت زميلي
وقلت سأحاول إبعاده عنهم قدر المستطاع.. ادع الله أن يعنني على ذلك
وسأحتسب الأجر عند الله..
كان الاستعداد للموعد العصر وفرحت به كثيراً لعل الله أن يهديه على يديّ..
أخبرت بعض الأصدقاء وقلت لهم نريد أن تبعده عن رفقاء السوء وهذا
لا يتم إلا بالتعاون بيننا جميعاً وكسب مودته وحبه لعل الله أن يهديه..
تمت الزيارة في موعدها وحصل ما كنت أريد، فالرجل محب للخير..
قريب للنفس..
تشعب بنا الحديث وكان بعض حديثنا عن الجو الممطر هذه الأيام
وأن في منطقة كذا ربيع وأرض خضراء..
شاركنا في الحوار فإذا به صاحب معرفة بالمناطق الخضراء ذات المناظر
الخلابة.. فأشار بأن المنطقة الفلانية أفضل من جميع المناطق وذلك لأنها
أرض رملية مغطاة بعشب أخضر وبين تلك الكثبان الرملية غدير ماء..
فاتفقنا على الخروج نهاية الأسبوع لهذا الموقع الجميل..
وصمم أن نكون ضيوفه ولكننا رفضنا...
قلنا له نكفي منك الفكرة ومعرفة الطريق.. وبعد مشاورات أصبحت الرحلة
مشاركة من الجميع في كل شيء ما عدا الفكرة فهو صاحبها..
جو ربيعي جميل ومنتزه تحفه الرمال من جميع الجوانب..
وهذه الروضة وسط الرمال.. من أجمل المناطق.. فعلاً.
· أصبح الرجل يودنا ويحبنا ونشأ بيننا الكثير من المحبة والألفة.. خاصةً
أن الرحلات للمناطق البعيدة تعني التقارب بين الجميع.. استمرت صداقتنا
مع بعض مدة طويلة وأصبح الخروج إلى البر يتم بدون مقدمات لأننا اتفقنا
على الخروج نهاية كل أسبوع..
وأصبح هناك ترتيب لجدولنا اليومي في الرحلة واستفادة من الوقت سواء
من ممارسة الرياضة أو من استقطاع وقت للراحة.. وكان هناك درس بعد
صلاة الفجر يعقبه آخر بعد صلاة العصر مدته قصيرة.. وعانيت من ذلك
معاناة شديدة بسبب هذا الارتباط الأسبوعي للخروج خارج البيت..
فقد كان هذا الوقت بالنسبة لي بمثابة تفرغ كامل للقراءة والكتابة..
إضافةً إلى أنني ألغيت الكثير من ارتباطاتي العائلية.. أصبح صاحبنا محافظاً
على الصلاة ودوام على صلاة الجماعة في المسجد بما في ذلك صلاة
الفجر وظهرت عليه سيما الصلاح والاستقامة.
وقد كان لارتباطي الخاص به فرصة لقربه مني فقد باح لي بالكثير
مما يعانيه من قبل.. ومراحل ضياعه..
حيث كان يتيماً وتربى في بيت جده..
استمرت علاقتنا هذه لمدة شهرين كاملين.. بعدها قدر الله لي أن انتقل من
بيتي إلى مكان آخر في أطراف المدينة لقربه من مكان عملي وانقطعت تلك
الأيام والرحلات وحتى الاتصال الهاتفي.. لعدم وجود هاتف لديّ..
وقد غبت بسبب ذلك فترة ليست طويلة عن هذا الشخص وحتى
عندما اتصل عليه في بيته يقولون غير موجود..
· وسبحان مغير الأحوال فقد أخبرني بعض الزملاء ممن كان يذهب معنا أنه
عاد لرفقاء السوء وعاد لبعده عن الله جل وعلا.. وأخذت الأسفار جل وقته..
فقد أهمل عائلته ورجع إلى سالف عهده فترك صلاة الجماعة
وبدأ يتراجع إلى الخلف..
بدأ يسمع الأغاني.. ترك حفظ القرآن.. ترك السباب الصالحين..
ترك الكتب القيمة..
تحسرت على ذلك ودعوت الله لي وله.. وحثثت بعض الاخوة
على معاودة تلك الرحلات..
بعد مدة هاتفني أحد الزملاء وكان صوته متغيراً.. وأخبرني
أن فلاناً توفي..إنا لله وإنا إليه راجعون..
ماذا جرى له فمنذ مدة لم أره ولم أجده في بيته فقد اتصلتُ عليه كثيراً..
قال لي أنه سافر إلى شرق آسيا مع رفقاء السوء وتناول جرعة كبيرة..
تناول جرعة كبيرة من مادة مخدرة..
مات هناك وحُمل في تابوت على متن الطائرة العائدة ومعه تقرير يثبت
أن وفاته كان سببها تناول المخدرات.
وجلت إيما وجل من سوء خاتمته وأيقنت أن القلوب بين إصبعين
من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء..
فهو لم يستمر في توبته..
بل رجع إلى ما كان عليه..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
فلــو أنا إذا مُتنا تُركنــــــا *** لكــان المــوت راحـة كل حي
ولكنــا إذا مُتنــا بُعثنـــــا *** فنســأل بعده عــن كل شــيء
------
كانت معرفتي به بسيطة.. أحياناً متفرقة، أراه في المسجد وأياماً كثيرة
لا أراه.. كنت أسلم عليه بحرارة وكنت في شوق إلى معرفته والتحدث إليه..
عندما انصرفنا من صلاة العصر.. وقفت أنا وزميل لي خارج المسجد
نتحدث.. فإذا به قادم.. وسلم على زميلي ثم سلم عليّ.. وبدأ أنهما
على معرفة سابقة.. فقد كانا زميلي دراسة..
تجاذبنا أطراف الحديث وطلبت منهما موعداً لزيارتي في منزلي..
فوافقا واتفقنا على الاجتماع بعد صلاة العصر عداً..
سألت زميلي عنه فحدثني بأنه إنسان فيه خير كثير.. فاستفسرت عن سبب
غيابه عن المسجد أياماً طويلة خاصةً وأنه جار للمسجد.. فأخبرني أن
صديقه هذا له رفقاء سوء في العمل فإذا اتصل بهم تراه يتغيب
عن المسجد ولا يحضر للصلاة وتكثير أسفاره..
وتحدثنا طويلاً عن أفضل الطرق لإبعاده عن رفقاء السوء.. طمأنت زميلي
وقلت سأحاول إبعاده عنهم قدر المستطاع.. ادع الله أن يعنني على ذلك
وسأحتسب الأجر عند الله..
كان الاستعداد للموعد العصر وفرحت به كثيراً لعل الله أن يهديه على يديّ..
أخبرت بعض الأصدقاء وقلت لهم نريد أن تبعده عن رفقاء السوء وهذا
لا يتم إلا بالتعاون بيننا جميعاً وكسب مودته وحبه لعل الله أن يهديه..
تمت الزيارة في موعدها وحصل ما كنت أريد، فالرجل محب للخير..
قريب للنفس..
تشعب بنا الحديث وكان بعض حديثنا عن الجو الممطر هذه الأيام
وأن في منطقة كذا ربيع وأرض خضراء..
شاركنا في الحوار فإذا به صاحب معرفة بالمناطق الخضراء ذات المناظر
الخلابة.. فأشار بأن المنطقة الفلانية أفضل من جميع المناطق وذلك لأنها
أرض رملية مغطاة بعشب أخضر وبين تلك الكثبان الرملية غدير ماء..
فاتفقنا على الخروج نهاية الأسبوع لهذا الموقع الجميل..
وصمم أن نكون ضيوفه ولكننا رفضنا...
قلنا له نكفي منك الفكرة ومعرفة الطريق.. وبعد مشاورات أصبحت الرحلة
مشاركة من الجميع في كل شيء ما عدا الفكرة فهو صاحبها..
جو ربيعي جميل ومنتزه تحفه الرمال من جميع الجوانب..
وهذه الروضة وسط الرمال.. من أجمل المناطق.. فعلاً.
· أصبح الرجل يودنا ويحبنا ونشأ بيننا الكثير من المحبة والألفة.. خاصةً
أن الرحلات للمناطق البعيدة تعني التقارب بين الجميع.. استمرت صداقتنا
مع بعض مدة طويلة وأصبح الخروج إلى البر يتم بدون مقدمات لأننا اتفقنا
على الخروج نهاية كل أسبوع..
وأصبح هناك ترتيب لجدولنا اليومي في الرحلة واستفادة من الوقت سواء
من ممارسة الرياضة أو من استقطاع وقت للراحة.. وكان هناك درس بعد
صلاة الفجر يعقبه آخر بعد صلاة العصر مدته قصيرة.. وعانيت من ذلك
معاناة شديدة بسبب هذا الارتباط الأسبوعي للخروج خارج البيت..
فقد كان هذا الوقت بالنسبة لي بمثابة تفرغ كامل للقراءة والكتابة..
إضافةً إلى أنني ألغيت الكثير من ارتباطاتي العائلية.. أصبح صاحبنا محافظاً
على الصلاة ودوام على صلاة الجماعة في المسجد بما في ذلك صلاة
الفجر وظهرت عليه سيما الصلاح والاستقامة.
وقد كان لارتباطي الخاص به فرصة لقربه مني فقد باح لي بالكثير
مما يعانيه من قبل.. ومراحل ضياعه..
حيث كان يتيماً وتربى في بيت جده..
استمرت علاقتنا هذه لمدة شهرين كاملين.. بعدها قدر الله لي أن انتقل من
بيتي إلى مكان آخر في أطراف المدينة لقربه من مكان عملي وانقطعت تلك
الأيام والرحلات وحتى الاتصال الهاتفي.. لعدم وجود هاتف لديّ..
وقد غبت بسبب ذلك فترة ليست طويلة عن هذا الشخص وحتى
عندما اتصل عليه في بيته يقولون غير موجود..
· وسبحان مغير الأحوال فقد أخبرني بعض الزملاء ممن كان يذهب معنا أنه
عاد لرفقاء السوء وعاد لبعده عن الله جل وعلا.. وأخذت الأسفار جل وقته..
فقد أهمل عائلته ورجع إلى سالف عهده فترك صلاة الجماعة
وبدأ يتراجع إلى الخلف..
بدأ يسمع الأغاني.. ترك حفظ القرآن.. ترك السباب الصالحين..
ترك الكتب القيمة..
تحسرت على ذلك ودعوت الله لي وله.. وحثثت بعض الاخوة
على معاودة تلك الرحلات..
بعد مدة هاتفني أحد الزملاء وكان صوته متغيراً.. وأخبرني
أن فلاناً توفي..إنا لله وإنا إليه راجعون..
ماذا جرى له فمنذ مدة لم أره ولم أجده في بيته فقد اتصلتُ عليه كثيراً..
قال لي أنه سافر إلى شرق آسيا مع رفقاء السوء وتناول جرعة كبيرة..
تناول جرعة كبيرة من مادة مخدرة..
مات هناك وحُمل في تابوت على متن الطائرة العائدة ومعه تقرير يثبت
أن وفاته كان سببها تناول المخدرات.
وجلت إيما وجل من سوء خاتمته وأيقنت أن القلوب بين إصبعين
من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء..
فهو لم يستمر في توبته..
بل رجع إلى ما كان عليه..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق