الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن (19)
طالعوا كتب عقائد أهل السنة والجماعة ؛ تروا أن فيها أبواباً مختصَّة بحقوق الإمام على الرعيَّة , وبحق الرعية على الإمام ؛ لأن ذلك به تحصل الجماعة ,
ويحصل به الالتفاف حول السنة والجماعة.
وهذا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على النصح لأئمة المسلمين ولعاميتهم في
حديث : الدين النصيحة , وإذا ثبت أن النصح واجب , وأنه لا بدَّ للمسلم أن
ينصح ؛ فكيف تكون تلك النصيحة ؟ وكيف يكون ذلك البيان ؟
على ما جاء في السنة لا من عند أنفسنا .
ثبت في الحديث الصحيح أن عياض بن غنم قال لهشام ابن حكيم رضي الله
عنهما وأرضاهما : ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( مَن أراد أن ينصح لذي سلطان ؛ فلا يبده علانية , ولكن ليأخذ بيده , ثم
ليخلُ به , فإن قبل منه ؛ فذاك , وإلاَّ ؛ فإنه أدى الذي عليه ),
رواه ابن أبي عاصم في السنة وغيره وصححه الألباني .
اسمعوا سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم , وأنتم ولا شكَّ حريصون على السنة ؛
كما أن أهل السنة والجماعة حريصون عليها .
إذا ترتب على الموازين السابقة الراية المسلمة من غيرها ؛ ترتبت الحقوق
الشرعية على تلك الراية , وعلى بيان أن تلك الراية مسلمة
, وليست براية غير مسلمة .
من ذلك هذا الأمر المهم الذي أهميته تبرز عند تغير الأحوال وحدوث الفتن .
قال صلى الله عليه وسلم : مَن أراد أن ينصح لذي سلطان ؛ فلا يبده علانية , ولكن ليأخذ بيده ,
ثم ليخلُ به , فإن قبل منه ؛ فذاك , وإلاَّ ؛ فإنه أدى الذي عليه .
فهذا يجعلنا في طمأنينة , ويجعلنا في اتباع لما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم , إن أخذنا
بذلك ؛ فنحن ناجون بإذن الله , وإن لم نأخذ به ؛ فسيصيبنا من القصور
ومن المخلفة عن طريق أهل السنة والجماعة بقدر ما خالفنا من ذلك .
وتلك الموازين , إذا التبس على المسلم أو على طالب العلم : كيف يزن بها ؟
فالمرجع العلماء ؛ فإنهم هم الذين يزنون بالموازين الصحيحة , وهم الذين
يقيِّمون بالتقييم الصحيح , وهم الذين يحكمون بالحكم الشرعي الصحيح .
ولهذا ؛ فإن الحكم بالإسلام من عدمه , الحكم بالإيمان أو الكفر , مرجعه إلى
علماء أهل السنة والجماعة , لا إلى غيرهم من المتعلمين الذين ربما علموا
بعضاً وجهلوا بعضاً آخر , أو ربما عمَّموا أشياء لا يجوز تعميمها .
فالحَكَم في ذلك لمن لم يستطع أن يزن بالميزان الصحيح من أهل العلم هم
العلماء , وبقولهم يجب أن نأخذ , وبما صاروا إليه , والى ما صاروا إليه ,
يجب أن نأخذ في تقييم الإيمان والكفر , والوزن بتلك الموازين
التي ذكرناها لكم .
مما يترتَّب على تلك الموازين كما قرر أهل السنة والجماعة : أن الجهاد
ماض مع كل إمام أو سلطان ؛ برَّ أو فاجر , كل إمام أو سلطان , سواء كان
برّاً أو كان فاجراً ؛ فإن الجهاد ماض معه , لا يجوز لأحد أن يتخلف عن راية
الجهاد لأجل أن السلطان عنده مخالفات شرعية ؛ في أي وقت
وفي أي زمان .
وهذا الضابط لا بدَّ لك منه في كل وقت ؛ فربما يحدث في المستقبل
في سنوات تستقبلها من عمرك ما لا نعلمه , فيكون عندك ما تضبط به أمرك
, ويكون عندك ما تزن به أحوالك , وما تزن به أفكارك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق