ايمانيات 02
إليك أعود دوما .. يارباه
إن المرء الذي يظل بعيدا عن تلك المعاني الروحانية الإيمانية ، لحقيق عليه أن يخشى من تقلب قلبه ومرضه بأمراض مختلفة .
إن أحب القلوب إلى الله سبحانه قلب تمكنت منه ذلة وخوف فهو ناكس الرأس بين
يدي ربه حياء وخجلا فإذا به يسجد سجدة المخلصين التائبين الخاضعين يجمع
فيها معاني تقصيره وينيب فيها ويناجي ربه أن : أطمع في مغفرتك , وأتكل على
عفوك , وأحسن الظن بك , وأرجو كرمك , وأطمع في سعة حلمك , ولا طريق لي إلا
الاعتصام بك .
والمؤمن يفر من ضيق صدره بالهموم والغموم والمخاوف التي تحدث له في كل يوم ,
يفر من ضيق صدره إلى سعه فضاء بالثقة بالله , ويهرب من همومه وأحزانه إلى
حسن الرجاء لجميل صنع الله ..
وأبواب الفرار إلى الله مفتوحة فلا ينبغي على المرء أن يكسل فليقم وليطرق الباب فمن أدام الطرق يوشك أن يفتح له .
والصالح يستشعر بالإشفاق طوال حياته , فهو يشفق على نفسه من الهوى ويشفق على عمله من الضياع , ويشفق على علمه من التفريط .
والمؤمن إذا استشعر الإشفاق عظم إليه ذنبه , وحببت إليه طاعته , واستفاد من
كل دقيقة في عمره , وحرص على الإخلاص في كل عمله , قال تعالى : " وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمنّ الله علينا
ووقانا عذاب السّموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم " .
والصالح مخبت بين يدي ربه , متواضع ساكن , قد غلبت عصمته شهوته وغلبت نيته
غفلته , وغلبت محبته لربه وحشته , فقهر شهوته باعتصامه بالله , وأيقظ نفسه
بنيته الصالحة , وأنس بربه , وأكثر من ذكره , فلم يستوحش من قلة السائرين
من حوله .
وهو مازال لائما لنفسه يهذبها وينقيها , ويروضها ويمد قلبه بمدد التوحيد
الخالص فإذا ذكر الله اضطرب قلبه خوفا ورجاء , وإذا أصابه من أمر الدنيا
شيء يضره رضي وصبر وحمد واسترجع , قال تعالى : " وبشر المخبتين الذين إذا
ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما
رزقناهم ينفقون".
وهو في كل ذلك متبتل لربه مجتهد في العبادة يجعل نفسه وقفا لله , حتى إن
عمل أعمال الدنيا فهو يعملها بنية صالحة لله سبحانه وتعالى, فقطع رغبة
النفس في المدح , ورغبتها في الشهرة , ورغبتها في الإمارة والرئاسة ,
ورغبتها في العلو في الأرض .
السبت، 5 نوفمبر 2022
ايمانيات 02
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق