هل يمكن تأخير الشيخوخة؟
ومن أجل توضيح الأمر، علينا أن نتخيل أن إنسانا قد ورث بالصدفة طفرة أو
تحورا خطيرا من شأنه أن يتسبب في آثار سلبية مع التقدم في العمر، لكن ورغم
أن هذا الإنسان على الأرجح لن يعيش طويلا بما يكفي لرؤية هذه الآثار
السيئة، إلا أن هذه الطفرة ستبقى في "الجينوم" الخاص به وسوف تنتقل إلى
ذريته.
ولا يقتصر ذلك على جيل محدد بل يتكرر على مر الأجيال حيث تتراكم في جينات البشر طفرات تجعل التقدم في السن أو الشيوخية سيئا.
ويعد مرض "هنتنغتون" المثال الأوقع على تراكم الطفرات السلبية، حيث يصيب هذا المرض القاتل البشر بداية من سن الـ35 عاما.
وقد ذكر مقال نُشر في مجلة "BMC Biology" أن هذا الأمر يدل على أن الانتقاء
الطبيعي يمكن أن يفضل بعض الطفرات، التي من شأنها أن تتسبب في تأثير
إيجابي في سن مبكرة، لكن هذه الطفرات تتسبب في أثار سلبية مع التقدم في
العمر.
يعيش قرش غرينلاند، أطول الحيوانات الفقرية عمرا، حتى 400 عام
ويُعتبر "جين BRCA1,2" من الأمثلة على الطفرات، إذ يزيد من خصوبة المرأة وخطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض.
وقد سمح التقدم الكبير في الطب وأنظمة الطعام والظروف المعيشية الجيدة
بتقدم البشر في السن، لكن هذا الأمر أدى إلى معاناة البشر مع الآثار
السلبية للطفرات.
بعض الكائنات تعيش أطول من غيرها
عندما نتمعن الطبيعة، يمكن معرفة أن الشيوخة تتفاوت بين الكائنات الحية،
فبعضها لا يتقدم في السن أي لا يشيخ أبداً على ما يبدو، إذ يبدو أن الكائن
المعروف علميا باسم "هيدرا" والذي يعيش في المياه العذبة وقريب لقنديل
البحر والشعاب المرجانية، لا يشيخ، فيما يبدو أنه يعيش للأبد.
كذلك هناك العديد من النباتات والأشجار لا تظهر عليها أي علامات للشيخوخة
مثل صنوبر بريستليكون بالحوض العظيم غرب الولايات المتحدة، الذي يمكن أن
يعيش لآلاف السنين، قد تصل إلى 5000 عام.
ولا يتوقف الأمر على الأشجار وإنما يمتد الأمر إلى الكائنات المائية إذ يعد
قرش غرينلاند الذي يعد أطول الحيوانات الفقرية عمرا، مثالا على ذلك، إذ لا
يصل إلى مرحلة النضج الجنسي إلا عندما يبلغ من العمر 150 عاما ويمكن أن
يعيش حتى 400 عام.
يقول علماء إن الجنس البشري العاقل "هومو سابين" (Homo sapien) الذي ننحدر
منه، عاش قبل ملايين السنين إلى جانب أجناس أخرى بشرية انقرضت.
لكن في المقابل، لا تعيش بعض الكائنات طويلا، إذ يبلغ عمر أنثى البعوضة قرابة 50 يوما فقط.
ورغم عدم معرفة أسباب الاختلافات وراء ذلك، إلا أن هذا الأمر يرتبط بشكل
جزئي بالتطور، ما يعني أن التأثيرات والضغوط البيئية ربما ساعدت في التكاثر
السريع والعمر القصير لبعض الكائنات، فيما حدث العكس للكائنات الأخرى.
وفي مقابلة مع DW ، قال سيباستيان غرونكه، الباحث في معهد ماكس بلانك
للبيولوجيا الشيخوخة في ألمانيا، إن الحيوانات المعرضة لخطر الموت يكون
عمرها قصير.
وأضاف "يعد هذا الأمر منطقيا لأن هذه الحيوانات ليست في حاجة إلى تعزيز فرص
عيشها بحالة جيدة لفترة طويلة إذا تدرك أنها تواجه على أي حال خطر الموت
بشكل كبير. إنها تفضل تعزيز التكاثر السريع حتى تتمكن من التكاثر قبل أن
تموت".
الجمعة، 25 نوفمبر 2022
هل يمكن تأخير الشيخوخة؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق