المرء حيث يجعل نفسه
كان كافور وصاحبه عبدين أسودين , فجيء بهما إلى قطائع ابن طولون
حاضرة الديار المصرية وقتئذ ليباعا في أسواقها , فتمنى صاحبه أن يباع
لطباخ حتى يملأ بطنه بما يشاء, وتمنى كافور أن يملك هذه المدينة , ليحكم
وينهى ويأمر , وقد بلغ كل مناه , فبيع صاحب كافور لطباخ , وبيع كافور
لأحد القواد المصريين , فأظهر كفاءة واقتدارا , ولما مات مولاه , قام مقامه ,
واشتهر بذكائه , وكمال فطنته , حتى صار رأس القواد , صاحب الكلمة عند
الولاة , وما زال يجد ويجتهد حتى ملك مصر , والشام , والحرمين , ثم مر
يوما بصاحبه , فرآه عند طباخ بحالة سيئة , فقال لمن معه : " لقد قعدت
بهذا همته , فكان كما ترون , وطارت بي همتي , فكنت كما ترون ,
ولو جمعتني وإياه همة واحدة , لجمعنا عمل واحد " .
ولله در عمرو بن العاص حيث قال : " المرء حيث يجعل نفسه :
إن رفعها ارتفعت , وإن وضعها اتضعت " .
" المفرد العلم " لأحمد الهاشمي (ص77-78) .
الجمعة، 2 ديسمبر 2022
المرء حيث يجعل نفسه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق