لقد صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وبلغ صبره مبلغًا
عظيمًا،
وهذه نماذج متنوعة من صبره صلى الله عليه وسلم
:
صبره صلى الله عليه وسلم على المشركين حينما آذوه،
ورموه بالكذب، والكهانة، والسحر :
قال ابن مسعود رضي الله
عنه:
[ بينا النبي صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من
قريش،
جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور،
فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرفع
رأسه،
فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره، ودعت على
من صنع ]
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
( يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟
فقال صلى الله عليه وسلم: لقد لقيت من قومك ما لقيت،
وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة،
إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد
كلال:
فلم
يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على
وجهي
فلم
أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني،
فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال:
إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك،
وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني
ملك الجبال،
فسلم
عليَّ،
ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا
ملك الجبال،
وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟
إن شئت أن أطبق عليهم
الأخشبين،
فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم
من يعبد الله تعالى وحده لا يشرك به شيئًا
)
وعن عروة بن الزبير قال:
قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص:
[ أخبرني بأشد شيءٍ صنعه المشركون برسول الله صلى
الله عليه وسلم؟
قال: بينا رسول الله وسلم يصلي بفناء الكعبة؛
إذ أقبل عقبة بن أبي معيط وهو من الكفار،
فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولوى ثوبه
في عنقه،
فخنقه
خنقًا شديدًا ]
صبره صلى الله عليه وسلم على
المنافقين:
ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي
الله عنه :
[ أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارًا عليه
إكَاف،
تحته قطيفة فدَكِيَّة، وأردف وراءه أسامة،
وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج،
وذلك قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه أخلاط من
المسلمين
والمشركين وعبدة الأوثان واليهود، فيهم عبد الله بن
أبي،
وفي المجلس عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
قال:
فلما
غشيت المجلس عجاجة الدَّابة ، خمَّر عبد الله بن أبي أنفه،
ثم قال: لا تغبِّروا علينا، فسلم عليهم النبي صلى
الله عليه وسلم
ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن،
فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء -يريد النبي صلى
الله عليه وسلم-
لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا فلا تؤذنا في
مجالسنا،
وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منا فاقصص عليه،
فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا فإنا نحب
ذلك ،
قال: فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود حتى همُّوا
أن يتواثبوا،
فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم،
ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة،
فقال: أي سعد، ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب - يريد
عبد الله بن أبي-
قال كذا وكذا؟
فقال سعد رضي الله عنه: اعف عنه يا رسول الله واصفح،
فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل
هذه البُحيرة
أن يتوجوه فيعصِّبوه بالعصابة -أي يجعلوه ملكًا
عليهم-
فلما ردَّ الله ذلك بالحقِّ الذي أعطاكه شرق بذلك،
فلذلك فعل به ما رأيت،
قال:
فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم ]
صبره صلى الله عليه وسلم على مشاق الحياة
وشدتها:
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعروة:
[ ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في
شهرين،
وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم
نار،
فقلت:
ما كان يُعيِّشكم ؟
قالت: الأسودان: التمر
والماء،
إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران
من الأنصار
كان لهم منائح ، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله
عليه وسلم
من أبياتهم فيسقيناه ]
وأنه صلى الله عليه وسلم قال:
( لقد أخفت في الله، وما يخاف أحد،
وقد أوذيت في الله، وما يُؤذى أحد،
ولقد أتت عليَّ ثلاثون ما بين يوم وليلة وما لي طعام
يأكله
ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال
)
صبره صلى الله عليه وسلم على فقد الأولاد
والأحباب:
فمات عمه أبو طالب، وتوفيت زوجته خديجة،
وتوفي أولاده كلهم في حياته إلا فاطمة، وقتل عمه
حمزة،
فصلوات ربي وسلامه عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق