كانَ إبراهيمُ النخعيُّ رحمهُ اللهُ تعالى
( أعورَ العينِ.)
وكانَ تلميذهُ سليمانُ بنُ مهرانٍ أعمشَ العينِ
( ضعيفَ البصر )
وقد روى عنهما ابنُ الجوزيّ في كتابهِ [المنتظم] أنهما سارا في أحدِ
طرقاتِ الكوفةِ يريدانِ الجامعَ وبينما هما يسيرانِ في الطريقِ
قالَ الإمامُ النخعيُّ:
يا سليمان! هل لكَ أن تأخذَ طريقًا وآخذَ آخرَ؟
فإني أخشى إن مررنا سويًا بسفهائها، لَيقولونَ أعورٌ ويقودُ أعمشَ!
فيغتابوننا فيؤثمونَ.
فقالَ الأعمشُ:
يا أبا عمران! وما عليك في أن نؤجرَ ويؤثمونَ؟!
فقال إبراهيم النخعي :
يا سبحانَ اللهِ! بل نَسْلَمُ ويَسْلَمونُ خيرٌ من أن نؤجرَ ويؤثمونَ.
المنتظم في التاريخ (7/15).
نعم! يا سبحانَ اللهِ!
أيَّ نفوسٍ نقيةٍ هذهِ؟!
والتي لا تريدُ أن تَسْلَمَ بنفسها. بل تَسْلَمُ ويَسْلَمُ غيرُها.
إنها نفوسٌ تغذَّتْ بمعينِ
{ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ }
كنتُ أتساءلُ كثيرًا. لو كانَ إبراهيمُ النخعيُّ يكتبُ بيننا. هل تُراهُ كانَ
يُعممُ كلامهُ، ويُثيرُ الجدالَ،
وَيُوهِمُ الآخرينَ، ويُورِّي في عباراتهِ،
ويطرحُ المُشكلَ بلا حلولٍ؛ ليؤجَرَ ويؤثَمَ غيرهُ؟ أم تُراهُ كانَ صريحًا
ناصحًا، وبعباراتهِ واضحًا؟!
وَرَضِيَ اللهُ عن عمرَ إذ كانَ يسألُ الرجلَ فيقولُ:
كيف أنت؟ فإن حمدَ اللهَ.
قال عمرُ : (( هذا الذي أردتُ منكَ )).
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
تأمل معي .. إنهم يسوقونَ الناسَ سوقًا للخيرِ؛ لينالوا الأجرَ
هذا الذي أردتُ منكَ أردتك أن تحمدَ اللهَ فتؤجرَ. إنهُ يستنُّ بسنة حبيبهِ
صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ إذ ثبتَ عنهُ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ مثلُ ذلكَ.
فهل نتبع سنة حبيبنا صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ؟
أوَ ليسَ : نَسْلَمُ ويَسْلَمونَ
خيرٌ من أن : نُؤجَرُ ويؤثمونَ؟!!!
منقول لذوي البصائر الحيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق