يقول
تعالى:
{أَمَّن
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ
وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا
تَذَكَّرُونَ}
[سورة
النمل: 62].
الحمد
لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملىء السموات والأرض
وملىء
ما أراد من شيء بعد الحي القيوم خالق السموات والأرض مرسل
الرسل
بالحق الغني القوي الحميد العظيم
المتعال.
فمن
فضله سبحانه أن لم يجعل بيننا وبينه حاجزا ولا وسيطا ولا وكيلا
بل
هو سميع قريب مجيب الدعاء الرحمن الرحيم. ممّا نشاهده اليوم وبات
ملموسا
تغييب الدعاء من الأفئدة والقلوب إلاّ ممن رحم الله، فما أن يذكر
لك
أحدهم أمرا فترد عليه أن عليك بالدعاء إلاّ وتجده عبس وزمجر
واكتئب
وبسر وكأنك تثبط من همته وتميت أمره
وقضيته.
فأين
بات الدعاء منا أليس هو العبادة بل من أجل العبادات وبه يقاس قرب
العبد
من ربه وخضوعه له واستلامه لعظمته وإقرارا
بوحدانيته.
يقول
سبحانه:
{وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
[سورة
غافر: 60].
فإيّاك
إيّاك أن تهمل الدعاء وتستكبر نفسك عنه فتدخل في الوعيد المنتظر
لهم
من الله سبحانه، ثم لتتأمل كرمه جل وعلا في بداية الآية وقوله
{ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فلا فاصل بين الكلمتين ولا
تسويف.
ممّا
ورد في الأثر أنّ الداعين عندما يروا أثر دعواتهم
التي
لم تستجب وأجورها لودوا أن لو لم تستجاب لهم دعوة
واحدة.
عندما
كان موسى وهارون عليهما السلام يدعوان الله
سبحانه
على فرعون جاء الرد بأن:
{قَالَ
قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا
وَلاَ
تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}
[سورة
يونس: 89].
قال
ابن كثير:
"لم
يرى موسى الإجابة إلاّ بعد 40 سنة". هذا نبي الله يدعو
وينتظر
40 سنة فما بال من منا لا ينتظر أربعة أيّام إلاّ وتأنف نفسه
ويقول
لا يستجاب لي!!
ولكن
أيضا ورد في الأثر أنّ هناك من دعى فاستجاب الله له في حينه كمن
دعا
بنزول المطر فنزل المطر ولله سبحانه الحكمة في إجابته أو
تأخيره.
قال
المولى القدير:
{لَا
يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ
الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ}
[سورة
فصلت: 49].
وورد
في صحيح البخاري أن حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا
مالك
عن ابن شهاب عن أبي
عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة
أنّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
(
يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي
).
فادعو
الله ولا تستعجل الإجابة ولا تتذمر وتقل لا يستجاب لي ولا يقبل
الله
دعوتي،
فإنّما عليك الدعاء وبذل أسباب قبوله وما تلى
ذلك
إنّما هو لله
سبحانه.
فلنعصف
أذهاننا ونبلورها ونجدد إيمان قلوبنا وندعو الله موقنين بالإجابة
راجين
عفوه ورحمته، بل لنتحرى الدعاء يوميا ولنقتنص ساعات
الإجابة،
فأنت لا تطلب من حاكم أو أمير أو وزير بل تدعو ملك الملوك
قيوم
السموات والأرض فكيف ترجو وتلجأ للعباد وتنسى رب العباد،
فإيّاني
وإيّاك أن تقع في ذلك وتتخذ ما لا ينفع ولا يضر من أموات وأحياء
وسطاء
بينك وبين الملك سبحانه فلا البدوي ولا المرسي ولا غيرهم
ينفعونك،
بل لقد قال سبحانه لمحمد صلى الله عليه وسلم:
{وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ}
[سورة البقرة:
186].
فلتتأمل
الآية ولتتأمل
{أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِ}،
فلم يجعل الله سبحانه
حتى نبيه صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إليه
وسيطا
بينه وبين عباده.
ويقول
جل وعلا:
{لَهُ
دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ
يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ
إِلاَّ
كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ
بِبَالِغِهِ
وَمَا
دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ}
[سورة
الرعد: 14].
فلتلجأ
له وحده سبحانه ولتدعوه بأسمائه الحسنى كما قال جل وعلا:
{وَلِلّهِ
الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وَذَرُواْ
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ}
[سورة
الأعراف: 180].
فإن
كنت تريد الرزق فلتدعو يا رازق
ارزقني.....
تريد
المال فلتدعو يا غني اغنني.......
تريد
العفو فلتدعو يا عفو اعفو عني.....
تريد
الرحمة فلتدعو يا رحمن ارحمني .....
تريد
العلم فلتدعو يا عليم علمني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق