د.
خالد سعد النجار
ازداد
في الآونة الأخيرة ظاهرة ولع الكثير من النساء -وبعض الرجال-
بعمليات
التجميل «النيولوك» وصار ينفق عليها الأموال الباهظة، حيث
بلغ
حجم ما تنفقه النساء علي الماكياج وعمليات التجميل والتخسيس
160
مليار دولار سنويا، وكل ذلك من أجل الحصول علي وجه جميل
وجسد
رشيق فتان، ومما زاد من حدة انتشار هذه الجراحات ــ التي كانت
مقصورة
من قبل علي الشهيرات ونجمات السينما ــ أنها صارت الآن
متاحة
للجميع بدرجة أقل تكلفة من ذي قبل،
حتى أن (آلان ماتاراسو)
أحد أشهر جراحي التجميل في أمريكا
قال:
إن
عملية تكبير الثدي التي كانت تتكلف أكثر من 12 ألف دولار منذ عشر
سنوات
لا تتجاوز تكاليفها الآن 600 دولار
فقط.
ويقدر
الخبراء الأمريكيون أن سوق جراحات التجميل تبلغ قيمة
استثماراته
20 مليار دولار سنويا، ولا تزال تنمو بمعدل سنوي كبير.
وقد
زاد الإقبال علي تلك الجراحات داخل أمريكا بنسبة 220% منذ عام
1997
م أما الجراحات التقليدية كتكبير الثدي وتعديل شكل الشفاه والأنف
فتتم
من خلال حقن بوتوكس لتجميد عضلات الوجه التي تسبب التجاعيد،
وقد
زادت تلك الجراحات بنسبة 2400% منذ عام 1997 م كما زادت
حالات
عمليات التجميل في العالم العربي خلال العام الماضي من 380 ألف
عملية
إلي 650 ألف عملية تجميل.
ويرى
المحللون أن السبب المباشر لتفشي هذه الظاهرة هو أغنيات
الفيديو
كليب العارية التي تعتبر أن جسد المطربة وكم العري المعروض
منه
من أهم عوامل نجاحها، حتى صار لسان حالها
يقول:
«قليل من الغناء، كثير
من العري».
فلقد
جاءت أغاني الفيديو كليب كأحد خصائص الثقافة الاستهلاكية حيث
تركز
على أجساد الفتيات لما للحركات الإيحائية التي تتم من خلال الجسد
من
تأثير مباشر على حواس المشاهد وشهواته، فضلا على أن معظم
مشاهد
الكليب تم تصويرها ما بين حمام السباحة وغرفة النوم والبار،
وساعد
الإقبال المتزايد على مشاهدتها على إنشاء قنوات فضائية غنائية
فقط،
فأصبحنا نرى الراقصات مطربات، يتسابقن في التنافس علي ارتداء
الملابس
الساخنة والقيام بحركات كلها إغراء، وكأن جسد الراقصة بداية
المتعة
ونهايتها أيضا.
حتى
أشارت بعض البحوث الميدانية إلى أن هناك فئات من النساء يجلسن
طوال
اليوم وأغلب الليل مشدودين يقارنون بين جسد تلك وجسد
الأخرى،
ولقد بلغ جنون كثير من
النساء بالجمال بسبب هذا التأثير المفرط
حدا
لا
يوصف، والصحف والمطبوعات العربية تعج يوميا بدعايات وإعلانات
براقة
عن الخدمات التي تقدمها مراكز التجميل من عمليات شفط الدهون
وشد
الأجزاء المترهلة والتكبير والتصغير وإزالة غير المرغوب فيه،
وقائمة
طويلة عريضة من الخدمات الأخرى التي يسيل لها لعاب
كثير
من
النساء الباحثات عن القوام الرشيق والراغبات في مزاحمة المطربات
ومذيعات
الفضائيات على عرش الجمال.
كل
ذلك دون أن يحسبن حسابا لمدى خطورة إجراء مثل هذه العمليات وما
قد
يتبعها من مضاعفات جانبية خطيرة يحرص كثير ممن يطلقون على
أنفسهم
(خبراء) و (خبيرات) التجميل على إخفائها عن مسامع زبائنهم،
واضعين
نصب أعينهم الأموال الطائلة التي سوف يجنونها من إجراء تلك
العمليات
السحرية.
إننا
نهيب بكل امرأة أن
تحَكِّم عقلها قبل
التفكير في إجراء أي عملية تجميل، ولا أعتقد أن أحدا
بات
يجهل ما حدث للمطربة اللبنانية معشوقة الشباب الأولى والنموذج
المثالي
لفتيات الأحلام بالنسبة لهم، حيث سقطت على المسرح أثناء
تأديتها
لحفلة من حفلاتها بعد إصابتها بإغماءة مفاجئة علل الأطباء سببها
إلى
إسرافها في استخدام حقن (السيليكون) التي تستخدم عادة في عمليات
التجميل
(لتلغيم) الأجزاء المراد تكبيرها في
الجسم.
وحسب
ما ورد في الخبر فلقد قامت بحقن جميع أجزاء جمسها بهذه
المادة
الخطيرة لكي تبرز من جسدها ما نراه من (بروزات وانبعاجات)
مثيرة
للغرائز والأحاسيس جعلت ملايين الشباب في شتى أنحاء العالم
العربي
يهيمون بها حبا وتيها، وهم لا يدرون أنها ليست سوى كتل
سيليكون
متحركة.
والزوجة
يمكن أن تبهر زوجها بما أحل الله تعالى لها من زينة، دون
الإقدام
على مثل هذه المخاطرات والتجاوزات، وذلك بالاهتمام بالتزين
والتجمل
للزوج، فلا تقع عينه منها على قبيح، ولا يشم منها إلا أطيب
ريح،
وبالابتسامة المشرقة وبالكلمة الطيبة وحسن العشرة والمحافظة
على
مال الزوج ورعاية الأطفال وحسن العناية بهم،
وطاعته
إلا في معصية
الله.
ولكن
لو نظرنا إلى مجتمعنا اليوم لوجدنا تناقضا عجيبا في هذه الأمور،
فنجد
المرأة تتزين أحسن زينة وتلبس ما لديها من حلي وتخرج كأنها
في
يوم زفافها، هذا إذا كانت تقصد حفلة أو زيارة لإحدى صديقاتها،
فإذا
عادت
إلى بيتها غسلت زينتها وخلعت حليها ووضعته مكانه انتظارا لحفلة
أخرى،
أو لزيارة ثانية وزوجها المسكين الذي اشترى لها هذه الثياب
وتلك
الحلي محروم من التمتع بها، فلا يراها في البيت إلا بالأثواب
القديمة،
وتفوح منها رائحة الطبخ والبصل
والثوم.
ولو
عقلت تلك المرأة لعلمت أن زوجها أحق بهذه الزينة وهذا التجمل،
فإذا
خرج زوجك إلى العمل فسارعي بإنهاء عمل البيت، ثم اغتسلي
وتزيني
وتجملي وانتظريه، فإذا حضر من عمله رأى أمامه زوجة جميلة
وطعاما
معدا، وبيتا نظيفا، فيزداد لك حبا، وبك تمسكا، فهذا لعمر
الله
هو «السحر الحلال»..
خاصة إذا نويت بذلك طاعة الله تعالى في التجمل
للزوج
وإعانته على غض بصره عن الحرام، لأن الشبعان لا يشتهي
الطعام،
ولكن يشتهيه ويتلهف عليه من حُرِم
منه.
الزواج
مودة ورحمة..
مودة
بما هو محبة وتحبب بالكلمة الطيبة واللمسة الحانية، وتزين
الزوجة
لزوجها تزين جسد، وتزين خلق.. إنه ليس هناك ما يمنع
من
تجديد اللقاءات الحلوة الأولى، ومن ارتداء الملابس
الجذابة،
وإيقاد الشموع، واستخدام
العطور.. الخ.
إن
الزوج يحب أن
يجد
شيئا خاصا ينتظره، وهذا الشيء يدل على أنه إنسان «خاص» وله
مكانة
«خاصة» ووضع «مميز».. إنه إنسان يستأهل كل مبادرة رقيقة
وحفاوة
جميلة. ويكون أسعد وأسعد إذا استقبلته زوجته بطريقة حلوة
فيها
جاذبية وفتنة وإغراء!
فما
يعجب العين يقع في القلب، وعلى الزوجة أن تختار ما يناسبها
ويناسب
شخصيتها وأسلوبها ولا تلجأ إلى محاكاة الصديقات أو الجري
وراء
الموضة العالمية بطريقة عشوائية. مع العلم أن لكل جسم ما يناسبه
ولكل
شخصية ما يناسبها.
فمثلا:
أكثر ما يلائم حواء
الممتلئة هي الألوان الداكنة والبعيدة عن
الألوان
الصاخبة، وأما الغير
ممتلئة أو النحيفة فأكثر ما يلائمها الألوان الفاتحة
والغير
داكنة.
والنظر
هو أهم الطرق التي تصل للقلب فعن طريقه تبدأ نفس الرجل
بالانجذاب
نحو المرأة أو أن ينفر عنها. لذلك تجد أن من وصايا نساء
العرب
سابقاً:
«الانتباه
لمواقع نظر الرجل، وألا تقع عيناه على شيء
قبيح».
فالزوجة
الذكية هي
التي تحسن استخدام
أسلحتها الأنثوية وتبسطها، فتصلح هندامها ببراعة
وفن،
وتختار الألوان الجذابة وتصفف شعرها وتعتني بنفسها بأسلوب
يعجب
الزوج ويجذبه دائماً إليها، كما عليها الاهتمام بالجو المحيط بها
خاصة
البيت.. وأخيرا يجب أن لا ننسى الكثير من الثوابت التي ضاعت
وسط
زحام التفاهات أمثال النيولوك وغيره: فإذا كانت المرأة الجميلة
جوهرة،
فالمرأة الفاضلة كنز، وامرأة بلا حياء كطعام بلا ملح،
وامرأة
بلا ابتسامة أدعى ما في
الوجود للملل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق