الجواب
:
لأن
كتابة المقالات من أقوى وأسرع وسائل التعبير ونقل آرائك وأفكارك
لعامة
الناس.. ولأنه إبداع ذاتي وتعبير وجداني يجب أن تسأل
نفسك
(
قبل أن تسأل: كيف أكتب مقالا؟ ) ماذا لدي كي أقدمه للناس وأخبرهم
به ؟
هل
تملك مثلا رأيا يستحق الطرح، أو فكرة تستحق
المناقشة،
أو معلومة تستحق النشر،
أو تجربة يمكن الاستفادة منها...
باختصار
يجب أن تملك شيئا يستحق الكتابة ويستحق أن يخصص الناس
وقتهم
لقراءته.. فبدون هذا الشرط سيدرك القارئ أنك تكتب
لمجرد
"الاستعراض" أو تكرار أفكار يعرفها من
قبل،
وتتحول بسرعة لماركة
سيئة لن يلتفت إليها مجددا..
ويخطئ
من يظن أن المقال فن خاص بالصحف كونه ( وسيلة تعبير )
قد
تظهر كافتتاحيات، ومقدمات تلفزيونية، ومدونات إلكترونية،
ولابد
نحتاجها عاجلا أم آجلا لنقل أفكارنا وتجاربنا للآخرين..
ومهما
تغيرت وسائل الإعلام يظل المقال هو الأصل والجوهر كونه إبداعاً
إنسانياً
ذاتياً لايمكن لأي آلة أو كمبيوتر خلقه من العدم
في
حين قد يتم تناقله بصيغ ووسائل إلكترونية مختلفة
!!
والمقال
بطبيعته قصير وسريع بحكم صغر المساحة وسرعة
العمل
الذي تتميز به الصحف
والمواقع الالكترونية ووسائل الإعلام عموما..
ولأنه
صغير نسبيا يعتمد غالبا على مناقشة موضوع
واحد
دون التفرع للأمور
الجانبية.. ورغم تميزه ب"وحدة
الموضوع"
إلا أن مواضيعه ذاتها
تتنوع بتنوع المجالات والاهتمامات الإنسانية
وبالتالي
توجد مقالات سياسية واجتماعية وعلمية وأدبية
ووو...!!
... والمقالات عموما إما شخصية ذاتية ، أو منهجية
موضوعية:
فالمقال
الشخصي يميل إلى العفوية والتلقائية ويعبر عن رأي الكاتب
ونظرته
للموضوع دون إيراد الكثير من الحقائق والشواهد والمعلومات
المساندة
مثل معظم المقالات التي تقرأها في الصحف.
أما
المقال المنهجي فأكثر جهدا وتنظيما ويتضمن تحليلاً واستشهادا
بمصادر
ومعلومات تؤيد فكرة ورأي الكاتب
مثل
معظم مقالات هذه الزاوية !!
ومع
هذا لا يمكن الجزم بأن هناك مقالات شخصية أو منهجية (100%)
كون
معظم المقالات تتضمن مزيجا متفاوتا من الرأي والمعلومة..
ولكنها
في النهاية تعبر عن شخصية الكاتب وتبرز رأيه ونظرته للأمور..
وهذا
الامتزاج بشخصية الكاتب هو مايميز "المقال" عن التقارير المجردة
والأخبار
المحايدة التي تصاغ دون التأثر بشخصية محررها
وهو
أيضا الفرق بين الكاتب والمحرر الصحفي !!
... وفكرة المقال يجب أن تتشكل برأسك وتمتزج
بشخصيتك قبل وقت
معقول
من نثرها على الورق.. فبقدر ماتكون الفكرة واضحة وناضجة
في
رأسك (بل ومختمرة فيه منذ وقت طويل) تخرج قوية ومتماسكة ومؤثرة
في
القراء. وبقدر ماتكون ضبابية ومقتبسة ومتسرعة تخرج ركيكة
ومفككة
وصعبة في كتابتها وقراءتها.. ولهذا السبب لا أستطيع شخصيا
كتابة
أفكار ينقلها إلي الآخرون لأنها ببساطة لم تتشكل في
ذهني
أو تصبح جزءا من
شخصيتي.. كما لا أستطيع الجلوس على الكمبيوتر
فجأة
ثم أسأل نفسي "ماذا سأكتب اليوم" كون الفكرة يجب أن تمر
بفترة
"حبل" قد تستمر عدة أيام
وربما
شهوراً وسنوات مثل هذه السلسلة !!
وفي
الحقيقة، المرهق في كتابة المقالات ليس الكتابة ذاتها بل
العثور
على فكرة يومية قادرة
على جذب القراء والإضافة لرصيدهم..
وبعد
امتلاك الفكرة المميزة
وصياغتها
بأسلوبك الأدبي الخاص يجب البحث عن المعلومات والمصادر
والاستشهادات
التي تدعم رأيك وتظهر مقالك بطريقة قوية
ومقنعة!
وبهذه
التركيبة يمكن تشبيه المقال الجيد بمثلث متساوي
الأضلاع،
تأتي (الفكرة) على قمته
ثم (أسلوب) الكاتب على يمينه ثم (المصادر)
على
يساره.. ورغم أهمية "المصادر" إلا أن البحث فيها عملية
مرهقة
وبطيئة وبمثابة بحث مصغر يضطر معظم الكتاب
لتجاوزه
والالتفاف حوله، وأحيانا
الاستعاضة عنه بالعزف على وتر حساس
أو
رفع مستوى الزعيق الفردي وهذا بالمناسبة من أسرار المهنة
!!
وسنكتفي
بهذا القدر، وسأخبرك لاحقاً عن العناصر الخمسة
الأساسية
في المقال
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق