لماذا أراد مسلسل “حريم السلطان” تشويه صورة “سليمان القانوني”؟
من أعظم الشخصيات التي حكمت العالم
الإسلامي إن لم يكن أعظمها على الأطلاق، كان اسمه يهز عروش ملوك أوروبا
ويزلزل الأرض من تحت أقدامهم،
قال عنه المؤرّخ الألماني هالمر “إن سليمان أخطر على أوروبا من صلاح الدين الأيوبي”،
وأطلق عليه الأوروبيين اسم السلطان الفخم والسلطان العظيم وسليمان الرائع.
فمن هو سليمان القانوني؟ وماذا قدم للإسلام؟ ولماذا هذه الهجمة الشرسة.. ولماذا حريم السلطان؟!
من سليمان القانوني؟
هو سليمان بن سليم بن بايازيد الثاني ابن
محمد الفاتح بن مراد الثاني ابن محمد بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن
أورخان بن عثمان بن أرطغرل.
ولد سنة 900 هجرية، ورباه والده منذ صغره على القوة وحب الجهاد، ثم تولى الحكم عام 926 هجرية.
ما الذي قدّمه للإسلام؟
إن ما قدّمه سليمان للإسلام جعله من أعظم الحكام في تاريخ البشرية، وجعله يلقّب بأعظم سلاطين الأرض.
فمنذ أن تولى سليمان القانوني الحكم وهو في السادسة والعشرين من عمره ظل في
جهاد حتى توفاه الله، وقد بدأ حكمه حاسما قويا على الرغم من صغر سنه.
فبعد تولّيه الحكم ظن أعداؤه أنه لقمة سائغة نظرا لصغر سنه، فتمردوا عليه
وتحالفوا ضده، وهنا ظهرت شخصيته الحاسمة والقاطعة فكوّن جيشا قوامه مائة
ألف مجاهد وتصدى للتحالف الصليبي الأوروبي الذي ضم المجر والتشيك وإسبانيا
وألمانيا وصربيا، واستطاع أن يدك حصونهم ويسحقهم في معركة من أعظم المعارك
في التاريخ وهي معركة “موهاكوس” الخالدة.
كما كان له دور كبير في إنقاذ عشرات الآلاف من مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش.
وواصل سليمان إنجازاته وفتوحاته، فوسّع
حدود دولته وخلافته حتى تضاعفت مساحة الدولة العثمانية لتضم قرابة نصف
العالم في آسيا وأفريقيا وأوروبا، كما دك حصون الصفويين الشيعة، ووصلت
البحرية الإسلامية في عهده لأعظم قوة لها عبر التاريخ بقيادة عملاق البحار
المجاهد البطل خير الدين بربروسا الذي سيطر على البحر المتوسط وميناء طولون
وغيره كثير، وعلى الرغم من بطولاته العسكرية لم ينس السلطان سليمان
الإصلاحات الداخلية للدولة العثمانية فوضع القوانين الحاسمة، لذلك لقِّب
بالقانوني وأقام العدل بين الناس واهتم بالعمارة والعلم والثقافة.
وأصبح سليمان بعد كل هذه الإنجازات أسطورة تاريخية قهر الله به أعداء
الإسلام ورفع به رايات الإيمان ولم يمر عليه عام واحد دون جهاد في سبيل
الله، حيث ظل رحمه الله شوكة وغصة في حلوق أعداء الإسلام طوال ستة وأربعين
سنة صال وجال فيها في ساحات الجهاد.
لماذا التشويه؟
هذا بعض مما قدّمه سليمان القانوني رحمه
الله، ويبقى السؤال إذا كان سليمان بهذه القوة فلماذا هذا التشويه المتعمد
عبر هذا المسلسل سيء الذكر “حريم السلطان”.
والحقيقة باختصار أن السلطان سليمان هو أشد أعداء أوروبا، فقد كسر شوكتهم
ومرّغ أنوفهم في التراب عندما حاولوا التعدي على الإسلام، بل لكم أن
تتخيلوا أن السلطان كان يمنع الرقص في أوروبا خوفا على نساء المسلمين من أن
تنتقل إليهن هذه الأخلاقيات المنحرفة السيئة.
ويكفيه فخرا ويكفيهم خزيا وذلا أنهم يعتبرون يوم وفاته أعظم أعيادهم.
لذلك كان لزاما على أوروبا وفي مقدّمتها فرنسا أن تدعم أي عمل ينال من
السلطان سليمان ويشوّه صورته، وبما أنهم لن يستطيعوا أن يشوهوا صورته
عسكريا أوسياسيا فقد لجأوا عن طريق غلمانهم العلمانيين المنتشرين في كل
مكان وقاموا بعمل يسلّط الضوء على الجانب الاجتماعي في حياة السلطان ويشوّه
صورته ويظهره كرجل نساء، لا شغل له سوى ملاعبة النساء وشرب الخمر والتفرقة
بين أبنائه، كما يحدث في هذا المسلسل سيء الذكر والسمعة “حريم السلطان”.
فقد اعتمد المسلسل على المصادر الغربية
وكتابات مؤرّخي أوروبا الذين يحملون في صدورهم غلّا وحقدا على هذا البطل
الذي أذاقهم الويلات. كما أن كاتبة سيناريو هذا المسلسل “ميرال اوكاي” ذات
التوجه العلماني ليست لها أية علاقة بالتاريخ من قريب ولا بعيد.
وأخيرا،
دفاعنا عن سليمان القانوني لا يعني أنه ملك منزّه، بل هو بشر يصيب ويخطئ ويسيء ويحسن،
ولكن يكفي هذا البطل شرفا أن دولة الإسلام وصلت لأعظم قوة لها في التاريخ
أثناء حكمه وخلافته ويكفيه عزّا أنه ختم حياته مجاهدا ومحاربا لأعداء
الإسلام وعمره 74 عاما لم يتأخر عن الجهاد يوما واحدا.
رحم الله السلطان سليمان الذي كان يبدأ رسائله لملوك العالم دائما متأسيّا بنبي الله سليمان عليه السلام:
“إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم”
تم نشر هذه التدوينة في موقع تركيا بوست
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق