نعم هي فن يتقنه كل من تخلى عن الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة الجميلة ،
فكل فن من الفنون له أصوله ومقوماته وقواعده ، لكن الإساءة إلى الآخرين تحتاج التخلي عن الأصول
عن القواعد عن الأدب والحياء ، والتحلي بنوع من السفاهة وسوء الأدب.
ولهذا تجد من أدمن الإساءة إلى الناس مرة بالسخرية منهم ومرة بالغيبة ومرة بقبيح القول ومرة
بتتبع العورات والنقائص لينشرها بين الناس،
تجد هذا الصنف من أسافل الناس وأجهلهم وأبعدهم عن التحلي بمكارم الأخلاق.
إن الله تعالى قد أمرنا أن نكون من المحسنين في كل شيء : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) }(سورة البقرة).
وإساءة الواحد منا في الحقيقة ترجع إليه كما قال الله تعالى: { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } (الإسراء: 7).
(أي: فإليها ترجع الإِسَاءة لِمَا يتوجَّه إليها مِن العقاب، فرغَّب في الإحسان، وحذَّر مِن الإِسَاءة).
وقال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } (الجاثية: 15).
قال الشيخ السعدي رحمه الله: (وفي هذا حثٌّ على فعل الخير، وترك الشَّرِّ، وانتفاع العاملين، بأعمالهم الحسنة،
وضررهم بأعمالهم السَّيِّئة).
وقال بعض السَّلف: (ما أحسنتُ إلى أحدٍ، وما أسأتُ إلى أحدٍ، وإنَّما أحسنتُ إلى نفسي، وأسأتُ إلى نفسي).
ومن أجل هذا المعنى قيل: (مَن رضي لنفسه بالإِسَاءة، شهد على نفسه بالرَّداءة والدَّناءة).
وتزداد الإساءة قبحا وذما إذا كانت متوجهة إلى من يتأكد على المرء أن يحسن إليه كالوالدين ؛
ولهذا قرن النبي صلى الله عليه وسلم الإساءة إلى الوالدين بأعظم ذنب على
الإطلاق وهو الشرك فقال: " أَلَا أنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا. قالوا: بلى، يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ".
وإن من العجيب أن الإساءة تمنع العبد من الشفاعة ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ".
وذلك لأن اللَّعن إساءة ، بل من أبلغ الإسَاءة ، والشَّفاعة إحسان ، فالمسيء في هذه الدَّار باللَّعن ،
سلبه الله الإحسان في الأخرى بالشَّفاعة ، فإنَّ الإنسان إنَّما يحصد ما يزرع ، والإِسَاءة مانعة مِن الشَّفاعة التي هي إحسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق