أ. شروق الجبوري
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تشكو مِن تدنِّي مستواها العلمي، وتَكْرار فشَلها في تحقيق أحلامها،
حتى لجأتْ إلى أحلام اليقَظة لتعوِّض ذلك الفشل،
ولكنها زادتْ مِن مشاكلها، وأثرتْ على دراستها.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة جامعية في العشرينيَّات مِن عمري، منذ طفولتي وأنا
متفوقةٌ وأطمح للوُصول لأعلى المراتب، ودائمًا مِن الأوائل، كانتْ أمنيتي أن
أدخلَ كلية الطب، لكن بسبب سوء ظروفي وظروف بلدي لم أستَطِعْ
أن أحصلَ على مجموع كلية الطب، ودخلتُ كلية الصيدلة.
في البداية انهرتُ وأصبتُ باكتئابٍ شديدٍ؛ لأني لم أُحقِّق هدفي،
لكن بعد استِعانتي بالله والدُّعاء استطعتُ تجاوُز هذه الأزمة.
بَذَلْتُ كلَّ طاقتي في السنة الأولى، وبدأتُ أُخطِّط لأنْ أكونَ الأُولى
على دفعتي، لكن للأسف لم أستَطِعْ أنْ أُحَقِّقَ حلمي، ودخلتُ السنة الثانية
وكلِّي إحباط، فكرهتُ الكلية، وكرهتُ الدراسة،
وانعزلتُ عن الجميع، حتى القرآنَ تركتُ حفظَه!
بدأتُ ألجأ لأحلام اليقَظة، والتي زادتْ مِن مشاكلي؛ لأنها بدأتْ تُؤثِّر
على وقتي ودراستي! حاولتُ جاهدةً تَرْكَها، لكن لم أستطعْ، والآن أشعر
أني بلا هدفٍ، وأعيش حياة تافهة بلا قيمة، رغم أني في داخلي أعشق العلم.
عندما أتحدَّث مع أيِّ أحدٍ، فكل حديثي يَدُور حول العلم، ويشد انتباهي كل
مَن هو أعلى مني في المستوى العلمي، فأشعر بالأسى على حالي،
رغم أنه شغفي، لكن لا أستطيع أن أدرس أو أبذل أي جهدٍ.
مشكلتي أيضًا أني لا أستطيع تقبُّل الفَشَل، ولا أن أعيش هكذا بدون أي
إنجاز أو غاية أسعى لها، مع أني كنتُ أحتقر هؤلاء الذين لا يُنجزون
أي شيء في حياتهم، ويعيشون دون أهداف، حتى صرتُ واحدة منهم.
أصبحتُ عاجزةً عن تحقيق أحلامي، وأعيش في دَوَّامة بين ما أحبُّ
وما أريد فِعله وعجزي عن ذلك
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نُرَحِّبَ بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن
يُسَدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.
قد يُفاجئك قولي بأنك تُحققين حاليًّا أهدافًا (نادرة) تحتاجها بالفعل
مجتمعاتُنا، بل إنَّ افتقارَنا لها هو أحدُ أسباب تراجُعنا؛ إذ يعكس سياقُ
رسالتكِ أنك تفهمين ما تدرسين؛ لأنك (تُحبين) ما تتعلَّمين،
وهو ما تدلُّ عليه عبارتُك: (رغم أني في داخلي أعشق العلم)، وكذلك تدلُّ عليه المعدلاتُ العالية
التي تحصُلين عليها رغم تراجُع حالتك النفسية.
فالمشكلةُ يا عزيزتي تَكمُن في تبَنِّيك أفكارًا ومفاهيم مغلوطةً عن
التحصيل العلمي، وهذه الأفكارُ تتعلَّق بضرورة الحصول على (أعلى المعدلات)،
واعتبار ذلك مقياسًا للذكاء والتحصيل العلمي وغيره، وللأسف تشيع
هذه الأفكارُ بشكلٍ أصبح يصعب على الناس استيعاب غيرها.
فالذكاء والعلم لا يشترط أن يَتَمَثَّل بالمعدَّلات العالية، فكثير ممن تَحَصَّلوا
على أعلى المعدلات وحازوا المراتب الأولى فشلوا في إثبات نجاحهم مهنيًّا،
وفي كيفية تطبيق ما درسوه خلال سنوات طويلة، فسُوقُ العمل في
مجتمعاتنا مليء بالأطباء والصيادلة والمهندسين وغيرهم،
وكثيرون منهم حصدوا معدلات عالية خلال دراستهم، لكن قلة منهم
مَن (يَفهم) تخصُّصه، ويعرف كيف يُطبِّق ما تعلَّمَه عمليًّا،
وأكثرهم لا يُواكِبُون ما هو حديث في مجالهم العلمي وهكذا؛
ولذلك تجدين أننا نثق بالخبرات الأجنبية، دون
أن نعلمَ أنَّ سببَ تفوُّقهم العلمي هو اختلاف مقاييس المنافسة لديهم،
وتركيزهم على فَهم ما يَتَعَلَّمون، وابتعادهم عن التَّلْقين والحِفظ.
وعليه، فإني أدعوك يا ابنتي إلى النظر إلى أسلوبك في الدراسة نظرةَ
اعتبار واعتزاز، وركِّزي فكرك على ما تنهلين به مِن علمٍ، وكيفية
تطبيقه لاحقًا في مجال العمل، دون الالتفات إلى أية مقارنات في الدرجات
مع زميلاتك، بل اعملي على فَتْح النقاشات العلمية معهنَّ في موضوعات
عملية وتطبيقية، وتبادلي معهنَّ الآراء وكأنك في مجال العمل فعلًا؛
فإنَّ ذلك يزيد مِن مَداركك في المجال، ويُعزِّز المعلومات في ذاكرتك،
كما أنه يُبعِدُك عن الانشغال بتَسَلْسُلك الدراسي بينهنَّ، والذي لن يكونَ
له أثرٌ يُذكَر في سوق العمل.
وأخيرًا أختم بالدعاء إلى الله تعالى: أن يفتحَ لك أبواب العلم والخير،
وينفعَ بك
وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تشكو مِن تدنِّي مستواها العلمي، وتَكْرار فشَلها في تحقيق أحلامها،
حتى لجأتْ إلى أحلام اليقَظة لتعوِّض ذلك الفشل،
ولكنها زادتْ مِن مشاكلها، وأثرتْ على دراستها.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة جامعية في العشرينيَّات مِن عمري، منذ طفولتي وأنا
متفوقةٌ وأطمح للوُصول لأعلى المراتب، ودائمًا مِن الأوائل، كانتْ أمنيتي أن
أدخلَ كلية الطب، لكن بسبب سوء ظروفي وظروف بلدي لم أستَطِعْ
أن أحصلَ على مجموع كلية الطب، ودخلتُ كلية الصيدلة.
في البداية انهرتُ وأصبتُ باكتئابٍ شديدٍ؛ لأني لم أُحقِّق هدفي،
لكن بعد استِعانتي بالله والدُّعاء استطعتُ تجاوُز هذه الأزمة.
بَذَلْتُ كلَّ طاقتي في السنة الأولى، وبدأتُ أُخطِّط لأنْ أكونَ الأُولى
على دفعتي، لكن للأسف لم أستَطِعْ أنْ أُحَقِّقَ حلمي، ودخلتُ السنة الثانية
وكلِّي إحباط، فكرهتُ الكلية، وكرهتُ الدراسة،
وانعزلتُ عن الجميع، حتى القرآنَ تركتُ حفظَه!
بدأتُ ألجأ لأحلام اليقَظة، والتي زادتْ مِن مشاكلي؛ لأنها بدأتْ تُؤثِّر
على وقتي ودراستي! حاولتُ جاهدةً تَرْكَها، لكن لم أستطعْ، والآن أشعر
أني بلا هدفٍ، وأعيش حياة تافهة بلا قيمة، رغم أني في داخلي أعشق العلم.
عندما أتحدَّث مع أيِّ أحدٍ، فكل حديثي يَدُور حول العلم، ويشد انتباهي كل
مَن هو أعلى مني في المستوى العلمي، فأشعر بالأسى على حالي،
رغم أنه شغفي، لكن لا أستطيع أن أدرس أو أبذل أي جهدٍ.
مشكلتي أيضًا أني لا أستطيع تقبُّل الفَشَل، ولا أن أعيش هكذا بدون أي
إنجاز أو غاية أسعى لها، مع أني كنتُ أحتقر هؤلاء الذين لا يُنجزون
أي شيء في حياتهم، ويعيشون دون أهداف، حتى صرتُ واحدة منهم.
أصبحتُ عاجزةً عن تحقيق أحلامي، وأعيش في دَوَّامة بين ما أحبُّ
وما أريد فِعله وعجزي عن ذلك
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نُرَحِّبَ بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن
يُسَدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين.
قد يُفاجئك قولي بأنك تُحققين حاليًّا أهدافًا (نادرة) تحتاجها بالفعل
مجتمعاتُنا، بل إنَّ افتقارَنا لها هو أحدُ أسباب تراجُعنا؛ إذ يعكس سياقُ
رسالتكِ أنك تفهمين ما تدرسين؛ لأنك (تُحبين) ما تتعلَّمين،
وهو ما تدلُّ عليه عبارتُك: (رغم أني في داخلي أعشق العلم)، وكذلك تدلُّ عليه المعدلاتُ العالية
التي تحصُلين عليها رغم تراجُع حالتك النفسية.
فالمشكلةُ يا عزيزتي تَكمُن في تبَنِّيك أفكارًا ومفاهيم مغلوطةً عن
التحصيل العلمي، وهذه الأفكارُ تتعلَّق بضرورة الحصول على (أعلى المعدلات)،
واعتبار ذلك مقياسًا للذكاء والتحصيل العلمي وغيره، وللأسف تشيع
هذه الأفكارُ بشكلٍ أصبح يصعب على الناس استيعاب غيرها.
فالذكاء والعلم لا يشترط أن يَتَمَثَّل بالمعدَّلات العالية، فكثير ممن تَحَصَّلوا
على أعلى المعدلات وحازوا المراتب الأولى فشلوا في إثبات نجاحهم مهنيًّا،
وفي كيفية تطبيق ما درسوه خلال سنوات طويلة، فسُوقُ العمل في
مجتمعاتنا مليء بالأطباء والصيادلة والمهندسين وغيرهم،
وكثيرون منهم حصدوا معدلات عالية خلال دراستهم، لكن قلة منهم
مَن (يَفهم) تخصُّصه، ويعرف كيف يُطبِّق ما تعلَّمَه عمليًّا،
وأكثرهم لا يُواكِبُون ما هو حديث في مجالهم العلمي وهكذا؛
ولذلك تجدين أننا نثق بالخبرات الأجنبية، دون
أن نعلمَ أنَّ سببَ تفوُّقهم العلمي هو اختلاف مقاييس المنافسة لديهم،
وتركيزهم على فَهم ما يَتَعَلَّمون، وابتعادهم عن التَّلْقين والحِفظ.
وعليه، فإني أدعوك يا ابنتي إلى النظر إلى أسلوبك في الدراسة نظرةَ
اعتبار واعتزاز، وركِّزي فكرك على ما تنهلين به مِن علمٍ، وكيفية
تطبيقه لاحقًا في مجال العمل، دون الالتفات إلى أية مقارنات في الدرجات
مع زميلاتك، بل اعملي على فَتْح النقاشات العلمية معهنَّ في موضوعات
عملية وتطبيقية، وتبادلي معهنَّ الآراء وكأنك في مجال العمل فعلًا؛
فإنَّ ذلك يزيد مِن مَداركك في المجال، ويُعزِّز المعلومات في ذاكرتك،
كما أنه يُبعِدُك عن الانشغال بتَسَلْسُلك الدراسي بينهنَّ، والذي لن يكونَ
له أثرٌ يُذكَر في سوق العمل.
وأخيرًا أختم بالدعاء إلى الله تعالى: أن يفتحَ لك أبواب العلم والخير،
وينفعَ بك
وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق