لماذا لا تطبقون ما تتعلمون ؟
إنها وقفة حساب مع أنفسنا والمؤمن يحاسب نفسه
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ
مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ )
[الحشر : 18 ]
لماذا نُدعى إلى كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فنتولى ولا نعمل ؟
لماذا تقرأ علينا الآيات التي لو أنزلت على
جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ثم لا نتعظ ولا نتأثر ؟
الجواب :
1- لأنه ليس عندنا درجة الجدية الكافية التي تدفعنا
، فليس كلنا عنده نفسية التلقي للتنفيذ .
القرآن الكريم أنزل للتنفيذ ، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتعلمون للتنفيذ
انظر إلى هذا الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي بَكْرٍ،
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علمني دُعَاءً
أَدْعُو بِهِ
فِي صَلاَتِي قَالَ " قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا
كَبِيرًا - وَقَالَ قُتَيْبَةُ كَثِيرًا - وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ
عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " [رواه مسلم ]
يسأل ليعمل ويطبق ، لا بد أن يكون عندنا مفهوم العلم للعمل والتلقي للتنفيذ ، نريد أن نقرأ المصحف وننفذ ما قاله
الله عز وجل لأن الأوامر لنا وليست لغيرنا ، ثم إن التنفيذ يزيدنا خيراً وثباتاً
( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) [ النساء : 66 ] العمل يثبت الإنسان
2- أن مستوى تصديقنا بالجنة والنار ضعيفٌ
ومستوى إيماننا بالحساب فيه نقص ولذلك نستغرب أحياناً كيف تصدق أبو بكر بكل ماله ؟
كيف تصدق عمر بنصف ماله ؟ مالذي دفعهم إلى هذا المستوى العالي من التطبيق ؟
الدافع هو الإيمان بالجنة والنار والحساب وما أعده الله للمتقين . فلو كان مستوى الإيمان عندنا عالياً لرأيت تطبيقاً عظيماً
3- عدم معرفة الأجر يؤدي إلى ضعف التطبيق .
لماذا ذكر الله لنا الأجور ؟ حتى نعمل .
بالله عليكم أخبرونا ما تصنعون حين تسمعون مثل هذا الحديث
وعن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أكل طعاماً فقال : الحمد لله الذي
أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ) [ رواه الترمذي وحسنه ]
هل تحتسبون هذا عند كل طعام ؟ وهل أنتم في حل من هذا الأجر ؟ أم هي الغفلة !!!
4- طول الأمل :
قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ
آَيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ
مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [ يونس : 7-8 ]
إن (سوف ) قد أساءت لنا كثيراً ، فكلمَّا جاء طرق الخير صرفه بواب ( لعل وعسى)
5- الشيطان حريص على أن يصرفنا عن تطبيق الأعمال
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ " خَصلتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ
مُسْلِمٌ إلاَّ دَخَلَ
الْجَنَّةَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ يُسَبِّحُ فِي
دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا
فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ
بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ وَيُكَبِّرُ
أَرْبَعًا وَثلاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَيَحْمَدُ ثلاثًا
وَثلاثِينَ وَيُسَبِّحُ ثلاثًا وَثلاثِينَ
فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ " . فَلَقَدْ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ قَالُوا
يَا رَسُولَ اللَّهِ
كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ قَالَ " يَأْتِي
أَحَدَكُمْ - يَعْنِي الشَّيْطَانَ - فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ
أَنْ يَقُولَهُ وَيَأْتِيهِ فِي
صَلاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا " [رواه أبو داود ]
6- من أسباب عدم التطبيق الوسط الموجود فيه الإنسان
قد يكون في وسط لا يوجد فيه قدوات ، فالتطبيق قليل ، الموجودون يغلب عليهم الجدل لا العمل .
قال تعالى عن بلقيس : " وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ " [النمل: ٤٣ ]
فماذا صد بلقيس عن الله ؟ ما كانت تعبد من دون الله . لماذا ؟ لأنها كانت في قوم كافرين ، فتأثرت بهم رغم
رجاحة عقلها ، ثم لما جاء سليمان عليه السلام أسلمت . فلماذا لا تغير بيئتك ؟ لماذا تركن فتضعف ثم تشتكي ؟؟
7- عدم الواقعية في التطبيق كأن يهجم في بداية التزامه
على هذه العبادات والنوافل والمستحبات فعمل عملاً كبيراً لا يطيقه ، هنا قد يحدث كلل وملل وبالتالي يحدث انقطاع .
عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍوـ رضى الله عنهما ـ قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
" أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ "
قُلْتُ إِنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ . قَالَ " فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ
ذَلِكَ هَجَمَت عَينُكَ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ،
وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقٌّ، وَلأَهْلِكَ حَقٌّ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ " .
[ رواه البخاري ]. فقد أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالاقتصاد في العبادة حتى لا تمل النفس
السبت، 24 أكتوبر 2020
لماذا لا تطبقون ما تتعلمون ؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق