غصون رمضانية ( 017 – 030 )
عبدالله بن عبده نعمان
للمطبخ في رمضان حكاية مؤلمة، وتسلسل سردي ممضٌّ للروح، ومظلِمٌ للقلب،
ومرهِق لصُرَّة المال، ومجهِدٌ لأبدان الطواهي،
ومردُّ ذلك إلى كثرة استهلاك الطعام والشراب في هذا الشهر دون بقية شهور
العام، ومع الكثرة الكمية، ثمتَ كثرة نوعية مختلفة الطعوم والألوان.
وما بهذا المظهر المحزنِ أُمرَ الصائمُ في رمضان، بل الصيام الصحيح
الذي نُدِب إليه هو الصيام الذي تخمص فيه البطن، وتشبع فيه الروح،
ويشرق فيه اللبُّ ليلاً ونهاراً، ومن ثَم يعيش المطبخ في إجازة جزئية
يصرف أهله فيها جُلّ وقتهم في المسابقة إلى جوائز رمضان الربانية.
لكن الحال في عصرنا انقلبت لدى بعض الناس رأسًا على عقب،
فصار رمضان شهرَ البسط في كثرة المطبوخ والمُعدِّ من الأطعمة
والأشربة المتعددة التي تستقبلها بحفاوة بطونُ الصائمين،
وهذا ينساق بلا ريب إلى الفتور، والنوم الكثير،
ولا شك أن الامتلاء وكثرة الانشغال بالمطبخ توفيراً وإعداداً،
وتخلصًا من فضلاته له ضرائب مكلفة على الأرواح والأبدان،
فالروح في رمضان بدل أن تنطلق في سماء التألق التعبدي؛ ل
خفة البدن من المفطرات ونتائجها صارت تحلق في آفاق المطبخ
ولا تتجاوز سقفه؛ لثقل البدن وكثافته بما يُطعم ويُشرب.
وبدل أن تنشط النفس إلى اغتنام أنفاس الشهر الكريم بالمسابقة إلى الخيرات،
والانتعاش إلى القربات، أضحت تتلفع بأثواب الكسل السابغة،
والشرودِ عن تدبر القرآن تلاوة وسماعًا، والنفور عن الاستمرار
في فضائل الأعمال، وبدل أن يكون صيام رمضان سببًا لصحة البدن،
وتخلصه من الفضلات التي تضره بسبب زيادة الطعام قبل رمضان،
غدا بعض الناس يعانون مشكلات صحية في الجهاز الهضمي وغيره،
ناتجة عن التخمة، وتوافدِ الأنواع المتباينة من الأطعمة والأشربة على المعدة،
وبدل أن يكون الصيام -إذا استمر- وِجاءً للشهوة، وتخفيفًا من وهجها،
أضحى بعض الصائمين يشكو سُعارها ونتائجها في رمضان أكثر من غيره!،
فلهذا نقول: ينبغي للمسلم الحريص على خير رمضان أن تكون له سياسة
خاصة متبعة في إدارة شؤون المطبخ خلال الشهر الكريم ينفذها هو وأهله،
كلٌّ حسب مهمته، تنطلق هذه السياسة الحكيمة من قاعدة معرفة الحِكم
والغايات التي شرع لأجلها صيام رمضان.
وعلى المرأة في المطبخ أن تحتسب طبخها، وتجعله قربة إلى الله تعالى؛
فالمباحات تتحول إلى عبادات بصلاح النية،
كما أن المرأة الراغبة في شرف زمن رمضان أن تستغل وقتها في المطبخ
بكثرة ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن-إذا كانت حافظة-،
أو سماعه وسماع الدروس والمحاضرات النافعة من أجهزة التسجيل،
فإذا حضرت الصلاة تركت انشغالها بالمطبخ ولبّت نداء الله
فانشغلت بأداء حقه قبل أداء حقوق الأسرة،
ومن التقصير أن تؤخر بعض النساء الصلوات بسبب الانشغال بالمطبخ.
ومن التنبيهات المهمة أنه إذا تبقى من الطعام والشراب شيء يمكن الاستفادة
منه فلا ينبغي رميه إلى القمامة، بل يحفظ إلى وجبة قادمة،
أو يُهدى إلى الجيران، أو يتصدق به على المحتاجين؛
لأن هناك بطونًا تشكو الطوى تنتظر من أهل التخمة شيئًا تقيم به أودها.
فمن اعتاد في رمضان على التوسع في المآكل والمشارب فليقف قليلاً
ويغير اتجاه سيره إلى صراط الاقتصاد والتخفف الذي يضمن له الوصول
إلى فائدة الصيام المرجوة، وإلى توفير المال، والصحة، والراحة،
والنشاط، وهذا التحول الصحيح وإن كان صعبًا على بعض النفوس
التي مردت على الإسراف، لكنه مع المجاهدة والزمّ الحكيم للنفس
تصير هذه الحال لها عادة .
عبدالله بن عبده نعمان
للمطبخ في رمضان حكاية مؤلمة، وتسلسل سردي ممضٌّ للروح، ومظلِمٌ للقلب،
ومرهِق لصُرَّة المال، ومجهِدٌ لأبدان الطواهي،
ومردُّ ذلك إلى كثرة استهلاك الطعام والشراب في هذا الشهر دون بقية شهور
العام، ومع الكثرة الكمية، ثمتَ كثرة نوعية مختلفة الطعوم والألوان.
وما بهذا المظهر المحزنِ أُمرَ الصائمُ في رمضان، بل الصيام الصحيح
الذي نُدِب إليه هو الصيام الذي تخمص فيه البطن، وتشبع فيه الروح،
ويشرق فيه اللبُّ ليلاً ونهاراً، ومن ثَم يعيش المطبخ في إجازة جزئية
يصرف أهله فيها جُلّ وقتهم في المسابقة إلى جوائز رمضان الربانية.
لكن الحال في عصرنا انقلبت لدى بعض الناس رأسًا على عقب،
فصار رمضان شهرَ البسط في كثرة المطبوخ والمُعدِّ من الأطعمة
والأشربة المتعددة التي تستقبلها بحفاوة بطونُ الصائمين،
وهذا ينساق بلا ريب إلى الفتور، والنوم الكثير،
ولا شك أن الامتلاء وكثرة الانشغال بالمطبخ توفيراً وإعداداً،
وتخلصًا من فضلاته له ضرائب مكلفة على الأرواح والأبدان،
فالروح في رمضان بدل أن تنطلق في سماء التألق التعبدي؛ ل
خفة البدن من المفطرات ونتائجها صارت تحلق في آفاق المطبخ
ولا تتجاوز سقفه؛ لثقل البدن وكثافته بما يُطعم ويُشرب.
وبدل أن تنشط النفس إلى اغتنام أنفاس الشهر الكريم بالمسابقة إلى الخيرات،
والانتعاش إلى القربات، أضحت تتلفع بأثواب الكسل السابغة،
والشرودِ عن تدبر القرآن تلاوة وسماعًا، والنفور عن الاستمرار
في فضائل الأعمال، وبدل أن يكون صيام رمضان سببًا لصحة البدن،
وتخلصه من الفضلات التي تضره بسبب زيادة الطعام قبل رمضان،
غدا بعض الناس يعانون مشكلات صحية في الجهاز الهضمي وغيره،
ناتجة عن التخمة، وتوافدِ الأنواع المتباينة من الأطعمة والأشربة على المعدة،
وبدل أن يكون الصيام -إذا استمر- وِجاءً للشهوة، وتخفيفًا من وهجها،
أضحى بعض الصائمين يشكو سُعارها ونتائجها في رمضان أكثر من غيره!،
فلهذا نقول: ينبغي للمسلم الحريص على خير رمضان أن تكون له سياسة
خاصة متبعة في إدارة شؤون المطبخ خلال الشهر الكريم ينفذها هو وأهله،
كلٌّ حسب مهمته، تنطلق هذه السياسة الحكيمة من قاعدة معرفة الحِكم
والغايات التي شرع لأجلها صيام رمضان.
وعلى المرأة في المطبخ أن تحتسب طبخها، وتجعله قربة إلى الله تعالى؛
فالمباحات تتحول إلى عبادات بصلاح النية،
كما أن المرأة الراغبة في شرف زمن رمضان أن تستغل وقتها في المطبخ
بكثرة ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن-إذا كانت حافظة-،
أو سماعه وسماع الدروس والمحاضرات النافعة من أجهزة التسجيل،
فإذا حضرت الصلاة تركت انشغالها بالمطبخ ولبّت نداء الله
فانشغلت بأداء حقه قبل أداء حقوق الأسرة،
ومن التقصير أن تؤخر بعض النساء الصلوات بسبب الانشغال بالمطبخ.
ومن التنبيهات المهمة أنه إذا تبقى من الطعام والشراب شيء يمكن الاستفادة
منه فلا ينبغي رميه إلى القمامة، بل يحفظ إلى وجبة قادمة،
أو يُهدى إلى الجيران، أو يتصدق به على المحتاجين؛
لأن هناك بطونًا تشكو الطوى تنتظر من أهل التخمة شيئًا تقيم به أودها.
فمن اعتاد في رمضان على التوسع في المآكل والمشارب فليقف قليلاً
ويغير اتجاه سيره إلى صراط الاقتصاد والتخفف الذي يضمن له الوصول
إلى فائدة الصيام المرجوة، وإلى توفير المال، والصحة، والراحة،
والنشاط، وهذا التحول الصحيح وإن كان صعبًا على بعض النفوس
التي مردت على الإسراف، لكنه مع المجاهدة والزمّ الحكيم للنفس
تصير هذه الحال لها عادة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق