مواجهة القلق في أيام الامتحانات
كم تبدو صعبة أيَّام الامتحانات، فكثيرٌ منَ الأُسَر ترفَع درجة التوتُّر
إلى أقصى حدٍّ، وتُعلِن حالةَ الطوارئ في البيت، ويُصبِح الهدف الأساس
أنْ يلتَصِق الطفل فوق مكتبه لا يُغادِره إلا للظُّروف القُصوَى؛ كتناول
الطعام، أو قَضاء الحاجة، أو الذهاب لدرسٍ خاص، رأيتُ بأمِّ عيني أمًّا
يُصِيبها القولون العصبي أيَّام امتحانات طفلتها، وأبًا لا يستطيع النوم
من القلق والخوف!
أموالٌ كثيرة تُنفَق، وأعصاب تتوتَّر؛ من أجْل مُرور هذه الأيَّام، في الوقت
الذي لم ينشغل فيه أحدٌ بقِيمة ما تعلَّمَه الطفل على وجْه الحقيقة، وقِيمة ما
تبقَّى في عقله المجهد بعد مرور الامتحانات، وتسلم الشَّهادات، والنتيجة:
أبناء حاصِلون على درجات علميَّة ورقيَّة بعد كلِّ هذا الجهد وهذا المال
الذي تَمَّ إنفاقه، فهل من الممكن أنْ تعني الامتحانات أمرًا آخَر بالنسبة لنا
ولأطفالنا وللأمَّة ككلٍّ؟
في البداية يجب أنْ نقتنع نحنُ أولاً بقيمة العلم الحقيقيَّة، فالعلم وسيلةٌ
أكيدة لمعرفة الكون؛ ومن ثَمَّ معرفة خالق هذا الكون العظيم - سبحانه وتعالى –
إنَّ التسبيح الذي يهتَفِ به العالِم من أعماق قلبه وعُمقه يختَلِف عن
التسبيح الذي يَلُوكُه لسانُ الجاهل دون علمٍ؛
((مَن سلَك طريقًا يلتَمِس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة،
وإنَّ الملائكة لتضَعُ أجنحتَها لطالِب العلم رضًا بما يصنَع، وإنَّ العالِم
لَيستَغفِرُ له مَن في السماوات ومَن في الأرض، حتى الحِيتان في الماء،
وفضْل العالِم على العابد كفضْل القمر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماء
ورَثَة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم،
فمَن أخذه أخذ بحظٍّ وافِر))،
فالطفل يجبُ أنْ يتعلَّم أولاً، ثم يحصل على الشهادة ثانيًا.
لا بُدَّ أنْ تشتعل في قلْب الطفل الرغبةُ في التعلُّم، بدلاً من إشعال الرغبة
في المنافسة، وهي وإنْ كانت مطلوبةً للتشجيع فذلك بدرجةٍ محدودة،
ففي بعض البيئات تصل المنافسة إلى حدِّ الحقد والحسد بين الأطفال.
لا بُدَّ أنْ يُوقِن الطفل أنَّ الغشَّ شيء حقيرٌ، وهو ليس فرصة
ولكنَّه اختبارٌ وابتلاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق