ايمانيات 96
الصالح يستشعر بالإشفاق طوال حياته , فهو يشفق على نفسه من الهوى ويشفق على عمله من الضياع , ويشفق على علمه من التفريط
والمؤمن إذا استشعر الإشفاق عظم إليه ذنبه , وحببت إليه طاعته , واستفاد من
كل دقيقة في عمره , وحرص على الإخلاص في كل عمله , قال تعالى : " وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمنّ الله علينا
ووقانا عذاب السّموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم " .
والصالح مخبت بين يدي ربه , متواضع ساكن , قد غلبت عصمته شهوته وغلبت نيته
غفلته , وغلبت محبته لربه وحشته , فقهر شهوته باعتصامه بالله , وأيقظ نفسه
بنيته الصالحة , وأنس بربه , وأكثر من ذكره , فلم يستوحش من قلة السائرين
من حوله .
وهو مازال لائما لنفسه يهذبها وينقيها , ويروضها ويمد قلبه بمدد التوحيد
الخالص فإذا ذكر الله اضطرب قلبه خوفا ورجاء , وإذا أصابه من أمر الدنيا
شيء يضره رضي وصبر وحمد واسترجع , قال تعالى : " وبشر المخبتين الذين إذا
ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما
رزقناهم ينفقون".
وهو في كل ذلك متبتل لربه مجتهد في العبادة يجعل نفسه وقفا لله , حتى إن
عمل أعمال الدنيا فهو يعملها بنية صالحة لله سبحانه وتعالى, فقطع رغبة
النفس في المدح , ورغبتها في الشهرة , ورغبتها في الإمارة والرئاسة ,
ورغبتها في العلو في الأرض .
الأحد، 5 فبراير 2023
ايمانيات 96
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق