الصيف
عباد الله، الزمانُ بليله ونهاره، وشهوره وأعوامه، وصيفه وشتائه - آيةٌ من آيات الله تبارك وتعالى،
التي نصبها للعباد موعظةً وذكرى في تقلُّب الأحوال وتصرُّفها، وغِيَرِ
الأيام وتصرُّمها، يذكرنا كَرُّ الغداة ومَرُّ العشي بأن الحياةَ مراحل،
وأَن كُلَّ مرحلة لها قيمتُها ومكانتُها، ولكل منها تَبِعةٌ مطلوبةٌ وحسابٌ قائمٌ.
الحَرُّ دليلٌ من دلائل ربوبية الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقلِّب الأيام والشهور، ويطوي الأعوام والدهور،
وهو الواحد الأحد الصمد المستحق للعبادة سبحانه وبحمده؛ قال تعالى
: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾
[النور: 44]
فوجوده سبحانه وربوبيتُه وقدرتُه أظهرُ من كل شيء على الإطلاق.
وفي كُل شيء له آيةٌ *** تدلُّ على أنه واحدُ
الحَرُّ تذكير بنعم الله وآلائه؛ يقول تبارك تعالى:
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ
الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ
وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴾
ففي فصل الصيف وشدة الحر، نتذكر ما منَّ به ربُّنا على عباده وأنعم من
الوسائل التي تقي الصيفَ وقيضَه، من الظلال الوارفة والأشجار اليانعة،
وما يسَّر من وسائل التبريد والتكييف المختلفة ما تطمئن به النفوس، وتسعد به الأرواح في البيوت والمساجد والسيارة والعمل،
أجهزة تقلبُ الصيفَ شتاءً والشتاءَ صيفًا، وتخففُ من لأْواءِ الهجير، وتطفئُ لهبَ القيظ، ومن تذكر ذلك وتأمَّله،
حمِد ربَّه وعبده حقَّ عبادته، ويظهر الشكر حينما يتذكر الإنسان من يسكنون بيوت الصفيح والخيام والقش!
وإن هذا يدعونا لأن نتذكر إخوانًا لنا في الدين لا يملكون ما نملِك من هذه الوسائل الحديثة،
وإن ملَكوها فلن يستطيعوا دفع ما يترتب على عملها من أموال، فأعينوهم - عباد الله - واحتسبوا الأجر من الله
قال تعالى
: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(اتقوا النارَ ولو بشق تمرةٍ).
ابن آدم ملول، قد وصفه ربُّه بأنه ظلوم جهول، ومن جهله عدم الرضا عن حاله، فإذا جاء الصيف تضجَّر منه،
وإذا جاء الشتاء تضجر منه:
يتمنى المرءُ في الصيف الشتا *** فإذا جاء الشتا أنكَــره
الاثنين، 7 أغسطس 2023
الصيف
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق