وقع رجل في رجل من أهل الدين وجعل يعيبه ويعيِّن بعض
ما يعيبه
به فقال بعض الحاضرين له :
أريد أن أسألك :
هل أنت متيقن ما عبته فيه ؟
ومن أي طريق أخبرت به ؟
ثم إذا كان الأمر الذي ذكرته يقيناً فهل يحل لك أن
تعيبه أم لا ؟
أمـــا الأول فـــــإني أعرف أنك لم تجالس الرجل
وربما أنك لم تجتمع
به وإنما بنيت كلامك على ما يقوله بعض الناس عنه وهذا
معلوم أنه
لا يحل لك أن تبني على كلام الناس وقــد علــم أن
منهــم الصادق
والكاذب والمخبر عمــــا رأى والمخبر عما سمع والكاذب
الذي يخلق
ما يقول فاتضح أنه على كل هذه التقادير لا يحل
لك القدح فيه .
ثــم ننتقــل معــك إلـى المقام الثاني وهو أنك
متيقن أن فيه العيب
الذي ذكرته وقد وصل إليك بطريق يقيني فهل تكلمت معه
ونصحته
ونظرت هل له عذرٌ أم لا ؟
وهل يقبل النصيحة أم لا ؟
فقال :
لم أتكلم معه في هذا بالكلية .
فقال له :
هذا لا يحل لك إنما يجب عليك إذا علمت من أخيك أمراً
معيباً أن
تنصحه بكل ما تقدرعليه قبل كل شيء ثـــم إذا نصحته
وأصرعلى
العناد فانظر هل في عيبك لـــه عند الناس مصلحة
وردع أم في ذلك
خلاف ذلك؟
وعلى الأحوال كلهــــا فــأنــت أظهرت في عيبك هذا له الغيرة
على
الدين وإنكار المنكر وأنت في الحقيقة الذي فعل المنكر
وما أكثر من
يجري منه مثل هذه الأمور الضارة التي يحمل عليها ضعف
البصيرة
وقلة الورع !
والله أعلم .
كتاب :
مجموع الفوائد واقتناص
الأوابد
للشيخ عبد الرحمن
السعدي
( ص 39 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق