الكثير منّا يمر على آيات لا يفهمها ولا يفهم معناها
، فمنا من يرجع
إلى التفسير ومنا من يسأل أهل العلم عنها ، فيتضح
الإشكال والحمد لله
هناك بعض الآيات يستصعب علينا إيجاد معانيها حتى في
بعض كتب
التفسير خاصة المختصرة منها
.
ومنها قوله تعالى :
{ حَقُّ الْيَقِينِ }
[ الواقعة: 95]
وقوله :
{ عَيْنَ الْيَقِينِ }
[التكاثر: 7 ]
وقوله عز وجل :
{
عِلْمَ الْيَقِينِ }
[التكاثر: 5]
لهذا سأذكر لك تفسيرا بسيطا لهذه الآيات يزيل
الإشكال
بإذن الله . وقبل ذلك أذكر تعريفا لغويا لها
:
- اليقين :
جاء في القاموس المحيط ( مادة يقن ص : 1249)
:
" اليقين : إزاحة الشك ".
وجاء في التعريفات للجرجاني –رحمه الله- ( ص : 255)
:
" اليقين : تحقيق التصديق بالغيب بإزالة كل شك وريب
،
وقيل : العلم الحاصل بعد الشك
"
قال العلامة ابن السعدي –رحمه
الله-
( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص : 799)
: "
أي : الذي لا شك فيه ولا مرية . بل هو الحق الثابت ،
الذي لا بد من
وقوعه . وقد أشهد الله عباده ، الأدلة القواطع على
ذلك ، حتى صار عند
أولي الألباب كأنهم ذائقون له ، مشاهدون لحقيقته ،
فحمدوا الله تعالى
على ما خصهم من هذه النعمة العظيمة ، والمنحة
الجسيمة" اهـ .
وقال –رحمه الله- ( تيسير الكريم الرحمن ص :
886)
" ثم لترونها عين اليقين "أي : رؤية بصرية
،
كما قال تعالى :
{
وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ
مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا
}
" اهـ
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- عن قوله
تعالى:
{ حَقُّ الْيَقِينِ }
[ الواقعة: 95]
وقوله :
{ عَيْنَ الْيَقِينِ }
[التكاثر: 7 ]
وقوله عز وجل :
{
عِلْمَ الْيَقِينِ }
[التكاثر: 5]
فما معنى كل مقام منها؟ وأي مقام
أعلى؟.
فأجاب ( مجموعة الفتاوى ص : 645-646 / 10
):
الحمد للّه رب العالمين، للناس في هذه الأسماء مقالات
معروفة.
منها: أن يقال: {عِلْمَ الْيَقِينِِ}ما علمه
بالسماع والخبر والقياس والنظر
و{عَيْنَ الْيَقِينِ} ما شاهده وعاينه بالبصر،
و{حَقُّ الْيَقِينِ} ما باشره
ووجده وذاقه وعرفه
بالاعتبار.
فالأول: مثل من أخبر أن هناك عسلًا، وصدق
المخبر.
أو رأى آثار العسل فاستدل على وجوده . "
اهـ
والثاني: مثل من رأى العسل وشاهده
وعاينه،
وهذا أعلى كما قال النبي
:
( ليس المخبر كالمعاين
)
والثالث: مثل من ذاق العسل، ووجد طعمه
وحلاوته،
ومعلوم أن هذا أعلى مما
قبله
قال ابن القيم رحمه الله- ( مدارج السالكين
472/1)
"فالمراتب ثلاث علم يقين يحصل عن الخبر ثم تتجلى
حقيقة المخبر عنه
للقلب أو البصر حتى يصير العلم به عين يقين ثم يباشره
ويلابسه فيصير
حق يقين فعلمنا بالجنة والنار الآن علم يقين فإذا
أزلفت الجنة للمتقين
في الموقف وبرزت الجحيم للغاوين وشاهدوهما عيانا كان
ذلك عين يقين
كما قال تعالى:
{
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ
}
فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فذلك حق
اليقين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق