عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
( جاء رجل إلى النَّبي عليه السلام فقال: يا رسول اللَّه،
كيف تقول في رجل أحبَّ قومًا، ولم يلحق بهم؟
فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحبَّ )
قال ابن بطال:
[ فدلَّ هذا أنَّ من أحبَّ عبدًا في الله، فإنَّ الله جامع بينه وبينه في جنته
ومُدخِله مُدخَله، وإن قصر عن عمله، وهذا معنى قوله: ( ولم يلحق بهم ).
يعني في العمل والمنزلة، وبيان هذا المعنى - والله أعلم –
أنه لما كان المحبُّ للصالحين وإنما أحبهم من أجل طاعتهم لله،
وكانت المحبَّة عملًا من أعمال القلوب واعتقادًا لها،
أثاب الله معتقد ذلك ثواب الصالحين؛ إذ النية هي الأصل،
والعمل تابع لها، والله يؤتي فضله من يشاء ]
وقال النووي:
[ فيه فضل حبِّ اللَّه ورسوله صلى اللَّه عليه وسلم والصَّالحين
وأهل الخير الأحياء والأموات]
قال العظيم آبادي:
[ يعني من أحبَّ قومًا بالإخلاص يكون من زمرتهم، وإن لم يعمل عملهم؛
لثبوت التَّقارب بين قلوبهم، وربَّما تؤدِّي تلك المحبَّة إلى موافقتهم،
وفيه حثٌّ على محبَّة الصُّلحاء والأخيار، رجاء اللِّحاق بهم والخلاص من النَّار ]
وقال السعدي:
[ هذا الحديث فيه: الحث على قوة محبة الرسل، واتباعهم بحسب مراتبهم،
والتحذير من محبة ضدهم؛ فإنَّ المحبَّة دليل على قوة اتصال المحب بمن يحبه،
ومناسبته لأخلاقه، واقتدائه به، فهي دليل على وجود ذلك،
وهي أيضًا باعثة على ذلك ]
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النَّبي صلى الله عليه وسلم،
( أنَّ رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد الله له، على مدرجته،
ملكًا فلمَّا أتى عليه، قال: أين تريد ؟
قال: أريد أخًا لي في هذه القرية،
قال: هل لك عليه من نعمة تربَّها ؟
قال: لا، غير أنِّي أحببته في الله عزَّ وجلَّ،
قال: فإنِّي رسول الله إليك، بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحببته فيه )
قال النووي:
[ في هذا الحديث فضل المحبَّة في اللَّه تعالى وأنَّها سبب لحبِّ اللَّه تعالى العبد ]
وأيضًا فيه: دليل على عظم فضل الحب في الله والتزاور فيه..
- وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه
أنَّ رسول الله صلى عليه وسلم أخذ بيده، وقال:
( يا معاذ، واللَّه إنِّي لأُحبُّك، واللَّه إنِّي لأُحبُّك،
فقال: أوصيك يا معاذ، لا تدعنَّ في دبر كلِّ صلاة تقول:
اللَّهمَّ أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك ) .
قال العظيم آبادي:
[... ( أخذ بيده ). كأنَّه عقد محبَّة وبيعة مودَّة. ( واللَّه إنِّي لأحبُّك ).
لامه للابتداء، وقيل للقسم، وفيه أنَّ من أحبَّ أحدًا يستحبُّ له إظهار المحبَّة له.
فقال: ( أوصيك يا معاذ لا تدعنَّ ). إذا أردت ثبات هذه المحبَّة فلا تتركنَّ.
( في دبر كلِّ صلاة ). أي: عقبها وخلفها أو في آخرها ]
وقال ابن عثيمين:
[ وهذه منقبة عظيمة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه،
أنَّ نبينا صلى الله عليه وسلم أقسم أنه يحبُّه،
والمحبُّ لا يدَّخر لحبيبه إلا ما هو خير له ]
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تدخلون الجنَّة حتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا،
أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السَّلام بينكم )
قال النووي:
[ فقوله صلى اللَّه عليه وسلم:
( ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا )
معناه: لا يكمل إيمانكم ولا يصلح حالكم في الإيمان إلَّا بالتَّحابِّ ]
وقال ابن عثيمين:
[ ففي هذا دليل على أن المحبَّة من كمال الإيمان،
وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحبَّ أخاه،
وأنَّ من أسباب المحبَّة أن يفشي الإنسان السلام بين إخوانه، أي يظهره ويعلنه،
ويسلم على من لقيه من المؤمنين، سواء عرفه أو لم يعرفه،
فإن هذا من أسباب المحبَّة، ولذلك إذا مرَّ بك رجل وسلم عليك أحببته،
وإذا أعرض؛ كرهته ولو كان أقرب الناس إليك ]
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله...
وذكر منهم... ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق