عبادات
أهل الغفلة عادات وعادات أهل اليقظة عبادات "
عبارة هزتني ، و جعلتني أقف هل انا من أهل اليقظة أو
من أهل الغفلة
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله –
في شرحـه المفرَّغ على الأربعين النووية
:
" عبادات أهل الغفلة عادات وعادات أهل اليقظة
عبادات
(عبادات أهل الغفلة
عادات ) : يقوم ويغسل ويصلي ويذهب على العادة
،
و (عادات أهل اليقظة عبادات): تجده إن أكل يريد
امتثال أمر الله
يريد إبقاء نفسه يريد ستر عورته, يريد التكفف عن
الناس يكون عبادة ،
آخر لبس ثوباً جديداً يريد أن يظهره يريد أن يترفه
بثيابه أوكما يقال
يكشخ هذا لا يؤجر ، آخر لبس ثوباً جديداً يريد أن
يعرف الناس قدر نعمة
الله عليه وأنه غني هذا يؤجر ، في يوم الجمعة لبس
أحسن ثيابه لأنها
يوم
الجمعة ، والثاني لبس أحسن ثيابه تأسياً بالنبي صلى الله عليه
وسلم
أيهما العبادة ؟ الثاني ، وعلى هذا فقس . "
.
و يقول الإمام ابن الجوزي - رحمه الله - في كتابه
النافع الماتع
(( صيد الخاطر )) :
فصل: عادات أهل اليقظة عبادة تأملت على أكثر الناس
عباداتهم، فإذا
هي
عادات. فأما أرباب اليقظة، فعاداتهم عبادة حقيقية.فإن الغافل
يقول
سبحان الله عادة، والمتيقظ لا يزال كفكره في عجائب
المخلوقات أو في
عظمة الخالق، فيحركه الفكر في ذلك فيقول: سبحان الله.
ولو أن إنسانا
تفكر في رمانة، فنظر في تصفيف حبها وحفظه بالأغشية
لئلا يتضاءل ،
وإقامة الماء على عظم العجم، وجعل الغشاء عليه يحفظه،
وتصوير الفرخ
في بطن البيضة والآدمي في حشاء الأم، إلى غير ذلك من
المخلوقات،
أورده هذا الفكر إلى تعظيم الخالق، فقال: سبحان الله،
وكان هذا التسبيح
ثمرة الفكر، فهذا تسبيح المتيقظين وما تزال أفكارهم
تجول فتقع عباداتهم
بالتسبيحات محققة، وكذلك يتفكرون في قبائح ذنوب قد
تقدمت فيوجب
ذلك الفكر، وقلق القلب وندم النفس، فيثمر ذلك أن يقول
قائلهم: أستغفر
الله فهذا هو التسبيح والإستغفار.. فأما الغافلون
فيقولون ذلك عادة،
وشتان ما بين الفريقين ِ بين من تكون عبادته عادة
وبين من تكون
عادته عبادة..
إنتهى كلام ابن عثيمين رحمه
الله.......
التعليق:
أهل اليقظة عاداتهم عبادات وأهل الغفلة عباداتهم
عادات:
يحول الإسلام
العادة إلى عبادة يؤجر الانسان عليها، . الانسان يستطيع
أن يجعل كل عاداته وتصرفاته عبادات يؤجر عليها ؛
فيجعل أكله عبادة،
وشربه عبادة، ولباسه عبادة، ودخوله عبادة، وخروجه
عبادة، ونومه
عبادة، حتى مخاطبته للناس يمكن أن يجعلها عبادة،
زياراته عبادة،
خروجه لطلب الرزق يجعله عبادة لذلك كن من أهل اليقظة
واجعل
عاداتك
عبادات.....
قد
يقول قائل : وكيف ذلك ؟؟ !!
الجواب :بحسن النية
( إنما الأعمال بالنيات )
1 – في المأكل والمشرب
نمتثل أمر الله عز وجل وهو القائل:
{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }
هذا
أمر. فالمباح يصير بحسن النية طاعة لله يثاب عليها المسلم. وينوي
به الحفاظ على بقائه وعلى روحه والتبسط بنعمهِ؛وينوي
بالأكل والشرب
التقوي على طاعة الله؛فنحن نأكل لنعيش ولا نعيش
لنأكل. فانظر! كيف
كان الطعام الذي تدعو إليه الطبيعة وتقتضيه العادة ،
كيف أمكن أن يكون
عبادة، بحسب الانتباه واليقظة والفطنة
والنية.
2 –
النــــــــــــــــــــوم
قال تعالى:
{ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ
لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ
مُبْصِرًا
إِنَّ
اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ }
[غافر:61].
يحرص الإنسان اليقظ على شكر الله على هذه النعمة؛
لأنه يستريح بها
من تعب سابق،وينشط لعمل لاحق، وينبغي أن يستصحب النية
في أن
النوم آية من آيات الله ويذكر الله عند النوم فيقول
:
( باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ،إن أمسكت نفسي
فارحمها
وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين )،
وينوي بالنوم التقوي على طاعة الله. وبذلك يجعل نومه
ينقلب إلى عبادة.
3 – اللباس وهذا لباس
الظاهر.
ينوي اليقظ بلباسه تغطية السوءة، وليس الترفع
والمباهاة. وينوي به
الامتثال لأمر الله؛ حيث قال
تعالى
{ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ
لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ…}
ولا يغفل عن اتباع الرسول ؛ وذلك بقول الذكر الخاص
باللباس:
( الحمد لله الذي رزقنيه وكسانيه من غير حول مني ولا
قوة )
فمن قالها غفر له ما تقدم من
ذنبه.
4 – الكلام ومخاطبة الآخرين :
بما أن الكلام من أيسر الأعمال وأكثرها أهمية فكم من
كلمة أتت بخير
عظيم، وكم من كلمة أزالت نعمًا ورؤوساً عن أعناقها،
فيجب التفكر في
الكلمة ووزنها قبل أن نخرجها من مكانها.
( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى
النار
أبعد
ما بين المشرق والمغرب )
. متفق عليه.
والكلمة الطيبة صدقة،فيكفي احتساب الأجر في أن
الإنسان إذا لم يجد شيئًا
يتصدق به فيكفيه الكلمة الطيبة .فيجب أن نقدم النية
عند القول نقوله،
ونروض أنفسنا على جعل كلامنا ومخاطبتنا للآخرين بما
ينفع،
فلا نتكلم إلا بما يحب
الله.
5 – زيارة المريض
عند زيارة المريض ينوي اليقظ غير الغافل الأجر العظيم
من الله؛
لقوله صلى الله عليه وسلم:
( من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله ناداه منادٍ
بأن طبت
وطاب
ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً )
رواه
الترمذي وابن ماجه.
فيدعو للمريض بالشفاء
ولقوله صلى الله عليه وسلم عند عيادة المريض:
( لا بأس عليك طهور إن شاء الله
).
ويحتسب الأجر؛ ويتبع السنة فيضع يده على مكان الألم
ويقول:
( أسأل
الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك
)
6 – بر
الوالدين وصلة الأقارب والأهل
يستشعر المتيقظ عند بر والديه بأنه لا يقوم بذلك إلا
اتباعًا وامتثالاً لأمر
الله وسنة رسوله ، وأن برهما من أفضل الأعمال؛ فلا
يجعل زيارته
لوالديه والإحسان إليهما تورثه ضجرًا أو تأففًا أو
عادة اعتاد عليها
بل
يجعلها عبادة؛ لأن مرتبة بر الوالدين مقدمة على مرتبة الجهاد
في سبيل الله.
فالله عز وجل :
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل
لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا
قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
}
كذلك فإنه يحتسب الأجر في زيارته وصلته بأقاربه،
فيحسن إليهم
ويصلهم حتى ولو قطعوه.
7 – كسب الرزق
فمثلاً: المعلم المتيقظ يحاسب نفسه دائمًا؛ لأن الله
كرمه بحمل هذه
الرسالة، وميزه عن غيره بمهمة تربية أبناء المسلمين،
وأمنه على
عقولهم وقلوبهم وأفكارهم، فيحتسب الأجر في كل ما يقوم
به نحوهم،
ولا يكون هدفه وهمه آخر الشهر ليستلم الراتب فحسب،
وكأنه اعتاد على
عمل يؤديه ويأخذ أجره، وقد فُقد منه الأجر والثواب،
وبإخلاصه وتجديد
نيته يجعل عمله هذا عبادة من العبادات التي يبتغي فيه
الأجر من الله
والاستغناء عن الناس.وكل ذي مهنة عليه أن يؤديها على
وجهها خير
الآداء سواءا كان طبيبا أو مهندسا أو تاجرا أو حتى
عامل نظافة
لا
نستثني أحدا من ذلك أبدا...
قال رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( إن الله يحب إن قام أحدكم بعمل أن يتقنه
)
فإتقان العمل من أهم العبادات فكن من أهل اليقظة
وحول
عاداتك
عبادات..
أللهم إجعل عبادتنا خالصة لوجهك الكريم وتقبلها منا
يا رب العالمين
ولا تجعلنا من الغافلين إنك أنت السميع
العليم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق