قصة
شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس
أحمد بن عبد الحليم بن
تيمية:
كان
شيخ الإسلام رحمه الله عالمًا مجاهدًا في سبيل الله بلسانه
وبقلمه
وسيفه
داعيًا إلى السنة ومحاربًا للبدعة، لا يخاف في الله لومة لائم،
فعندما
صدع بالحق حسده كثيرٌ من علماء زمانه فوشوه على الخليفة
ورموه
بالابتداع، فسجن أكثر من مرة وأوقف عن التدريس، ولكن
هذه
لم تفت في عضده أو تبعده
عن الدعوة وفي آخر مرة وشوه إلى الخليفة
فسجن
في سجن القلعة في سجن انفرادي ومنع من التأليف وسحبت منه
الأقلام
والمحابر فقال رحمه الله:
ما
يفعل أعدائي بي، أنا حديقتي وبستاني في صدري، أنى ذهبت فهي
معي؛
فإن قتلوني فقتلي شهادة وإن شردوني فتشريدي سياحة وإن
سجنوني
فسجني خلوة
،
فسدَّ شيخ الإسلام بهذه الكلمات على أعدائه جميع المنافذ التي
يريد
أعداؤه
أن ينتقموا منه عن طريقها؛ فبعد سحب الأقلام والمحابر بدأ شيخ
الإسلام
رحمه الله بتلاوة كتاب الله حتى ختمه ثمانين مرة، فعندما شرع
في
الواحد والثمانين وأتى عند قوله تعالى:
{
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ
صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }
[القمر: 54-55].
فتوفاه
الله عند هذه الآية، ثم شرعوا في غسل الشيخ رحمه الله فما فرغوا
منه
حتى امتلأت القلعة وضج الناس بالبكاء والثناء والدعاء والترحم،
ودخلوا
بالجنازة إلى الجامع الأموي والخلائق فيه بين يدي الجنازة
وخلفها
وعن يمينها وشمالها ما لا يحصي عدتهم إلا الله سبحانه وتعالى،
فصرخ
صارخ وصاح صائحٌ، هكذا تكون جنائز أئمة السنة، فصلى عليه
خلق
كثير لا يحصيهم إلا الله حتى إن الحوانيت أغلقت في ذلك اليوم.
كل
ذلك دلالة على حب شيخ الإسلام وعلامة من علامات حسن الخاتمة
بإذن
الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق