د.فيصل بن سعود الحليبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه
ومن والاه.
أما بعد: فهما كذلك ـ والله ـ فعلاً ولا ريب،
الجد والجدة نور البيت وبهجتُه وفرحتُه، نورٌ على نور، فمن اجتمع
له النوران فهنيئًا له الضياء وهنيئًا له السناء، إنهما أصل الأسرة،
وإليهما ينتمي الأحفاد، وتلتف حولهما القلوب، وتستدفئ بحنانهما
الصدور، (نور البيت) نور له أصل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
ففي حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ: إِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ ) حَدِيثٌ حَسَنٌ.
والجدان ـ وأقصد بهما في حديثي (الجدَ والجدة) ـ قد خطهما الشيب،
فاستنار البيت بمشيبهما، كيف لا وقد أمضيا من عمريهما في طاعة
الله ما لم يمضه أحد غيرُهما من أهل البيت، هذه الطاعات ـ يا أحبة ـ
له أثر بالغ في تنزل الرحماتِ والبركات من عند الله تعالى،
وهذا الشعور حينما يستصحبه الأولاد والأحفاد يشعرون به بالطمأنينة والسكينة
وخصوصًا حينما يرون الجدين وهما في ذكرهما وتنفلهما وصيامهما،
فهنيئًا لكلِ بيت حوى جدًا وجدة.
هذا تمهيد أدلف به إلى عشر وقفات:
أما الوقفة الأولى:
فحقوقهما، فإن لهما من الحقوق ما للأب والأم الأقربَين، بل إن من
وجهة نظري أنهما ربما كان البر بهما مضاعفًا حيث يجتمع في
ذلك ثلاثة أمور أساسية:
ـ أولها:
أنهما والدان، والله تعالى يقول:
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }.
ثانيهما:
أن ببرهما تبر والديك، لأن البر بالأجداد يسر الآباء، فاجتمع بران
في بر، والحمد لله على فضله!
ثالثهما:
أنهما بلغا من العمر ما بلغا، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى
بالكبير فقال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا)
رواه الترمذي وحسّنه.
وعلى هذا، فإن لههما علينا: البرُ والإحسان، وخفضٌ جناح الذل من
الرحمة،
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيراً }
، والدعاءُ والاستغفارُ لهما، والقيامُ على شؤونهما، وبذل ما في
الوسع في إسعادهما من تقديم أطيبِ الطعام والشراب،
وأحسنِ الدواء، واختيارِ أحسن المكان لسكنهما في البيت،
وتوفيرُ كل سبل الراحة لهما، ومفاجأتُهما بحفلات التكريم
والهدايا والولائم، ومراعاةُ ظروفهما
الصحية في المناسبات العائلية، وألا يقدمَ عليهما أحد في مطعم أو
مشرب أو مجلس، وأن يكونوا في مقدمة كل احتفالية أو مناسبة،
والمؤانسةُ لهما في جلوسهما حيث السؤالُ عن صحتهما، أو عن
هموهما، وفتحُ ملفات الماضي معهما، فغالبًا ما يسرهما ذلك،
ولربما بدءا الحديث بزفرة تنبئك عن المعاناة التي كانا يعيشانها،
ولكنهما حينما يستذكرانها يجدان في ذلك متعة ولذة، حينما يريان
النعمة التي أنعم الله بها عليهما.
ومن الإحسان إليهما أيضًا:
صحبتهما بسفر أو نزهة إذا كانا قادرين على ذلك، من باب الترويح
عنهما، وخصوصًا حينما يكون ذلك إلى أداء عمرة أو حج،
فالرحلة هنا يكون لها عبق خاص، ومتعة لا تمثالها متعة، برٌ..وطاعةٌ
..وإحسانٌ..وصحبةٌ..وخدمةٌ..ورعاية!! يا الله..ما أجلها
من نعمة إذا وُفقت لها أيها الابن المبارك!! وفي حال تعبهما
ومرضهما فالأمر يحتاج منك تعبدًا لله تعالى وتصبرًا تحتسبه
عند خالقك، فمعروفهما أعظم من أن يرد، وإحسانهما أكبر
من يجازى، فابذل وسعك مع والديك في تمريضهما، وأنت أصدق
إيمانًا من أن تتأفف منهما أو تضجر من أنينهما، أو تكونَ ـ لا قدر الله ـ
سببًا في إبعادهما من منزلكم ـ بل نافس غيرك على خدمتهما،
وسارع لإرضائهما، وإن استطعت ألا تُغلب على ذلك فافعل،
وأنت أهل لذلك وفقك الله، وهي فرصة أن تستجلب الدعوات
الكريمات من لسانهما الرطب بذكر الله، فالمريض منهما مضطر،
والله يقول:
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }
، فلا يفوتنك خيرُ هذه الدعوات من رب الأرض والسموات.
يا هنيئًا لك يا من أسعدك الله بجد وجدة أو أحدهما في منزلك يا
هنيئًا لك!
الوقفة الثانية:
إن وجود الجدين في الأسرة يمنح الأحفاد شعورًا بدفء الحنان
وغزارة المشاعر، لما يجده الأحفاد من الحب والألفة، وما ذاك إلا
لما يتزين به كثير من الأجداد بالحلم والأناة والصبر وطيب الخاطر،
أسوتهم في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أكرم الأجداد قاطبة
ـ بأبي هو أمي ـ عليه الصلاة والسلام، فماذا كان يصنع النبي
صلى الله عليه وسلم بحفيديه الكريمين الحسنِ والحسين
رضي الله عنهما، إن من ذلك ما جاء في الحديث الصحيح عن
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:
(خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين
هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم -أي يقبل- هذا مرة وهذا
مرة حتى انتهى إلينا، فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما
فقد أبغضني).
وعند أبي يعلى من طريق عاصم بن زر عن عبد الله:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن
والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما،
فإذا قضى الصلاةَ وضعهما في حِجره، فقال: مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ ) .
وغير ذلك من الأحاديث التي ورثها الأجداد سلوكًا عمليًا مع أحفادهم،
حتى جاءت معاملتهم ندى شفافًا تترطب به الحياة القاسية، وبه يكمّل
الحفيد النقص العاطفي الذي ربما وقع من أبويه بسبب انشغالهما،
أو ضعف المشاعر لديهما أو أحدهما، وجملة ليست قليلةً من الأجداد
يقومون بواجب الرعاية الكاملة للأحفاد حينما يكون الأبوان في حالة
سفر أو عمل بعيد، أو ـ لا قدر الله ـ في حالة مرض أو وفاة،
وفي مثل هذه الحالة يأخذ الجدانُ مكان الأبوين تمامًا، وهذا متقرر
في الفقه الإسلامي حيث أعطى الشرعُ للجد حقَ الولاية مكان
الأب في حال عدم وجوده في ولاية النكاح أو التصرف في مال
القاصر أو نحو ذلك.
ومن هنا نرى كيف يهرب الأحفاد أحيانًا من قسوة الآباء إلى عطف
الأجداد، يستنجدون بهما، ويحتمون بوقارهما، ويستشفعون بهما
للصفح عنهم، أو طلب الإذن لهم في حاجة من حاجاتهم،
في مشهد يجمع بين أبوتين اثنتين، وكلاهما يحمل معنى،
الأول: معنى التربية،
والثاني: العطفَ فيها،
ولذا رأيت أن أضع استفتاء في حسابي على تويتر:
هل ترى أنَّ تدخل الجدين في التربية تعزيز إيجابي لها؟ أو ترى أن
هذا يشكل ازدواجية سلبية فيها؟ بالطبع هذه الفرصة التي يمنحني
إياها تويتر، وإلا ففي المسألة تفصيل لعلي أن أشير إليه هنا،
فالنتيجة جاءت : (70%) يقولون بأن دخولهما تعزيز إيجابي،
و(30%) يرون أنه يشكل ازدواجية في التربية، والحقيقة أن
النتيجة تعكس مدى الانسجام الأسري لدى المشاركين،
وأن الجدين في بيوتهم لهما أثر كريم عليهم.
أما التفصيل فإني أرى للوالدين أثر بالغ في التربية، فتوجيههما في
الغالب يلقى استجابة سريعة وقناعة من الأحفاد، لأنه في الغالب
يصدر عن هدوء وأسلوب رفيق، بعيد عن الغلظة والشدة،
وكلما ابتعد التوجيه عن الترهيب كلما كان أثره أبلغ وأسرع وأبقى، أما إذا
رأى الوالد أن عطف الجدين زائد يصل إلى حد التدليل السلبي الذي
يميل بالولد عن طريق الجد والتحصيل والاستقامة، فإن للوالد
أن يوصل رسالته للجدين بكل رفق وأدب واحترام، مبينًا بعض الآثار المترتبة
على هذا التعامل، ومذكرًا لهما مكانتهما في نفسه وأولاده،
وبالمقابل يوصل مثل هذه الرسالة إلى أولاده، من دون تقليل
من شأن توجيه الجدين، بل مع غرس لاحترامهما وتبجيلهما.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه
ومن والاه.
أما بعد: فهما كذلك ـ والله ـ فعلاً ولا ريب،
الجد والجدة نور البيت وبهجتُه وفرحتُه، نورٌ على نور، فمن اجتمع
له النوران فهنيئًا له الضياء وهنيئًا له السناء، إنهما أصل الأسرة،
وإليهما ينتمي الأحفاد، وتلتف حولهما القلوب، وتستدفئ بحنانهما
الصدور، (نور البيت) نور له أصل في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
ففي حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ: إِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ ) حَدِيثٌ حَسَنٌ.
والجدان ـ وأقصد بهما في حديثي (الجدَ والجدة) ـ قد خطهما الشيب،
فاستنار البيت بمشيبهما، كيف لا وقد أمضيا من عمريهما في طاعة
الله ما لم يمضه أحد غيرُهما من أهل البيت، هذه الطاعات ـ يا أحبة ـ
له أثر بالغ في تنزل الرحماتِ والبركات من عند الله تعالى،
وهذا الشعور حينما يستصحبه الأولاد والأحفاد يشعرون به بالطمأنينة والسكينة
وخصوصًا حينما يرون الجدين وهما في ذكرهما وتنفلهما وصيامهما،
فهنيئًا لكلِ بيت حوى جدًا وجدة.
هذا تمهيد أدلف به إلى عشر وقفات:
أما الوقفة الأولى:
فحقوقهما، فإن لهما من الحقوق ما للأب والأم الأقربَين، بل إن من
وجهة نظري أنهما ربما كان البر بهما مضاعفًا حيث يجتمع في
ذلك ثلاثة أمور أساسية:
ـ أولها:
أنهما والدان، والله تعالى يقول:
{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }.
ثانيهما:
أن ببرهما تبر والديك، لأن البر بالأجداد يسر الآباء، فاجتمع بران
في بر، والحمد لله على فضله!
ثالثهما:
أنهما بلغا من العمر ما بلغا، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى
بالكبير فقال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا)
رواه الترمذي وحسّنه.
وعلى هذا، فإن لههما علينا: البرُ والإحسان، وخفضٌ جناح الذل من
الرحمة،
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا
رَبَّيَانِي صَغِيراً }
، والدعاءُ والاستغفارُ لهما، والقيامُ على شؤونهما، وبذل ما في
الوسع في إسعادهما من تقديم أطيبِ الطعام والشراب،
وأحسنِ الدواء، واختيارِ أحسن المكان لسكنهما في البيت،
وتوفيرُ كل سبل الراحة لهما، ومفاجأتُهما بحفلات التكريم
والهدايا والولائم، ومراعاةُ ظروفهما
الصحية في المناسبات العائلية، وألا يقدمَ عليهما أحد في مطعم أو
مشرب أو مجلس، وأن يكونوا في مقدمة كل احتفالية أو مناسبة،
والمؤانسةُ لهما في جلوسهما حيث السؤالُ عن صحتهما، أو عن
هموهما، وفتحُ ملفات الماضي معهما، فغالبًا ما يسرهما ذلك،
ولربما بدءا الحديث بزفرة تنبئك عن المعاناة التي كانا يعيشانها،
ولكنهما حينما يستذكرانها يجدان في ذلك متعة ولذة، حينما يريان
النعمة التي أنعم الله بها عليهما.
ومن الإحسان إليهما أيضًا:
صحبتهما بسفر أو نزهة إذا كانا قادرين على ذلك، من باب الترويح
عنهما، وخصوصًا حينما يكون ذلك إلى أداء عمرة أو حج،
فالرحلة هنا يكون لها عبق خاص، ومتعة لا تمثالها متعة، برٌ..وطاعةٌ
..وإحسانٌ..وصحبةٌ..وخدمةٌ..ورعاية!! يا الله..ما أجلها
من نعمة إذا وُفقت لها أيها الابن المبارك!! وفي حال تعبهما
ومرضهما فالأمر يحتاج منك تعبدًا لله تعالى وتصبرًا تحتسبه
عند خالقك، فمعروفهما أعظم من أن يرد، وإحسانهما أكبر
من يجازى، فابذل وسعك مع والديك في تمريضهما، وأنت أصدق
إيمانًا من أن تتأفف منهما أو تضجر من أنينهما، أو تكونَ ـ لا قدر الله ـ
سببًا في إبعادهما من منزلكم ـ بل نافس غيرك على خدمتهما،
وسارع لإرضائهما، وإن استطعت ألا تُغلب على ذلك فافعل،
وأنت أهل لذلك وفقك الله، وهي فرصة أن تستجلب الدعوات
الكريمات من لسانهما الرطب بذكر الله، فالمريض منهما مضطر،
والله يقول:
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }
، فلا يفوتنك خيرُ هذه الدعوات من رب الأرض والسموات.
يا هنيئًا لك يا من أسعدك الله بجد وجدة أو أحدهما في منزلك يا
هنيئًا لك!
الوقفة الثانية:
إن وجود الجدين في الأسرة يمنح الأحفاد شعورًا بدفء الحنان
وغزارة المشاعر، لما يجده الأحفاد من الحب والألفة، وما ذاك إلا
لما يتزين به كثير من الأجداد بالحلم والأناة والصبر وطيب الخاطر،
أسوتهم في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أكرم الأجداد قاطبة
ـ بأبي هو أمي ـ عليه الصلاة والسلام، فماذا كان يصنع النبي
صلى الله عليه وسلم بحفيديه الكريمين الحسنِ والحسين
رضي الله عنهما، إن من ذلك ما جاء في الحديث الصحيح عن
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال:
(خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن والحسين
هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم -أي يقبل- هذا مرة وهذا
مرة حتى انتهى إلينا، فقال: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما
فقد أبغضني).
وعند أبي يعلى من طريق عاصم بن زر عن عبد الله:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا سجد وثب الحسن
والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما،
فإذا قضى الصلاةَ وضعهما في حِجره، فقال: مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ ) .
وغير ذلك من الأحاديث التي ورثها الأجداد سلوكًا عمليًا مع أحفادهم،
حتى جاءت معاملتهم ندى شفافًا تترطب به الحياة القاسية، وبه يكمّل
الحفيد النقص العاطفي الذي ربما وقع من أبويه بسبب انشغالهما،
أو ضعف المشاعر لديهما أو أحدهما، وجملة ليست قليلةً من الأجداد
يقومون بواجب الرعاية الكاملة للأحفاد حينما يكون الأبوان في حالة
سفر أو عمل بعيد، أو ـ لا قدر الله ـ في حالة مرض أو وفاة،
وفي مثل هذه الحالة يأخذ الجدانُ مكان الأبوين تمامًا، وهذا متقرر
في الفقه الإسلامي حيث أعطى الشرعُ للجد حقَ الولاية مكان
الأب في حال عدم وجوده في ولاية النكاح أو التصرف في مال
القاصر أو نحو ذلك.
ومن هنا نرى كيف يهرب الأحفاد أحيانًا من قسوة الآباء إلى عطف
الأجداد، يستنجدون بهما، ويحتمون بوقارهما، ويستشفعون بهما
للصفح عنهم، أو طلب الإذن لهم في حاجة من حاجاتهم،
في مشهد يجمع بين أبوتين اثنتين، وكلاهما يحمل معنى،
الأول: معنى التربية،
والثاني: العطفَ فيها،
ولذا رأيت أن أضع استفتاء في حسابي على تويتر:
هل ترى أنَّ تدخل الجدين في التربية تعزيز إيجابي لها؟ أو ترى أن
هذا يشكل ازدواجية سلبية فيها؟ بالطبع هذه الفرصة التي يمنحني
إياها تويتر، وإلا ففي المسألة تفصيل لعلي أن أشير إليه هنا،
فالنتيجة جاءت : (70%) يقولون بأن دخولهما تعزيز إيجابي،
و(30%) يرون أنه يشكل ازدواجية في التربية، والحقيقة أن
النتيجة تعكس مدى الانسجام الأسري لدى المشاركين،
وأن الجدين في بيوتهم لهما أثر كريم عليهم.
أما التفصيل فإني أرى للوالدين أثر بالغ في التربية، فتوجيههما في
الغالب يلقى استجابة سريعة وقناعة من الأحفاد، لأنه في الغالب
يصدر عن هدوء وأسلوب رفيق، بعيد عن الغلظة والشدة،
وكلما ابتعد التوجيه عن الترهيب كلما كان أثره أبلغ وأسرع وأبقى، أما إذا
رأى الوالد أن عطف الجدين زائد يصل إلى حد التدليل السلبي الذي
يميل بالولد عن طريق الجد والتحصيل والاستقامة، فإن للوالد
أن يوصل رسالته للجدين بكل رفق وأدب واحترام، مبينًا بعض الآثار المترتبة
على هذا التعامل، ومذكرًا لهما مكانتهما في نفسه وأولاده،
وبالمقابل يوصل مثل هذه الرسالة إلى أولاده، من دون تقليل
من شأن توجيه الجدين، بل مع غرس لاحترامهما وتبجيلهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق