المكافأة وأثرها السحري على الطفل
أحمد باقر:
يقول تعالى:
{ هَلْ جَزَآءُ الإحسَانِ إِلا الإحْسانُ }.
وقال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم):
( أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم ).
لا يختلف اثنان في أن مكافأة المحسن هي من الأمور التي يوافقها
العقل وترتضيها الفطرة البشرية بل إنها من العهود التي ألزم الله
تعالى نفسه بها واعتبرها من دلائل الحكمة والمنطق.
لهذا فمن المهم جداً أن يقابل السلوك الحسن الذي يصدر عن الطفل
بإحسان آخر أو ما يعبر عنه بـ المكافأة وذلك لتعزيز القيم الفطرية
والعقلية التي يحملها في داخله أولاً، وجعله يميز بين الفعل
الحسن والقبيح من خلال هذا السلوك الذي تم مكافأته عليه ثانياً.
شرط المكافأة :
إن المكافأة قد تفقد أثرها وقيمتها الحقيقية المرجوة لو لم تأت في
إطارها الصحيح، وهناك شرط أساسي لمكافأة السلوك الجيد الذي يصدر
عن الطفل وهو أن تكون المكافأة سريعة دون تأجيل أو تسويف.
يقول أحد علماء التربية في هذا المجال:
الإثابة منهج تربوي أساسي في تأسيس الطفل والسيطرة على سلوكه وتطويره
وهي أيضاً أداة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات حتى
عند الكبار أيضاً لأنها تعكس معنى القبول الإجتماعي
الذي هو جزء من الصحة النفسية، والطفل الذي يُثاب على سلوكه
الجيد المقبول يتشجع على تكرار هذا السلوك مستقبلا.
ومثال ذلك:
في فترة تدرب الطفل على تنظيم عملية الإخراج (البول والبراز) عندما
يلتزم الطفل بالتبول في المكان المخصص على الأم أن تبادر فوراً إلى تعزيز
ومكافأة هذا السلوك الجيد إما عاطفياً وكلامياً (بالتقبيل والمدح والتشجيع)
أو بإعطائه قطعة حلوى.. نفس الشيء ينطبق على الطفل الذي يتبول في
فراشه ليلا حيث يكافأ عن كل ليلة جافة.
أنواع المكافآت
أما أنواع المكافآت فليس هناك أي حدود للمكافئة لكن المهم في هذه
المكافئة هو أن تترك أثراً على الطفل يعزز فيه سلوكه الحسن، ويجب
هنا أن لايستهان ببعض المكافآت المعنوية والتي قد تترك أثراً كبيراً
على الطفل لا يمكن للمكافأة المادية أن تتركه، كما لابد من التذكير
بخصوص المبالغة في المكافأة إذ من الضروري مراعاة حدود المعقول في
هذا الإطار لأن المبالغة في المكافأة قد تفسد الطفل وتسبب له نتائج عكسية.
لكن هناك إطاران أساسيان للمكافأة هما:
1- المكافأة الإجتماعية: هذا النوع على درجة كبيرة من الفعالية
في تعزيز السلوك التكيفي المقبول والمرغوب عند الصغار والكبار معا.
ما المقصود بالمكافأة الإجتماعية؟
المقصود هو: الإبتسامة- التقبيل- المعانقة- الربت- المديح- الإهتمام- إيماءات
الوجه المعبرة عن الرضا والإستحسان والعناق والمديح
والتقليل؛ كل تلك تعبيرات عاطفية سهلة التنفيذ والأطفال عادة
ميالون لهذا النوع من الإثابة.
يقول أحد خبراء التربية في هذا المجال:
قد يبخل بعض الآباء بإبداء الإنتباه والمديح لسلوكيات جيدة أظهارها
أولادهم إما لإنشغالهم حيث لا وقت لديهم للإنتباه إلى سلوكيات أطفالهم
أو لإعتقادهم الخاطئ أن على أولادهم إظهار السلوك المهذب دون
حاجة إلى إثابته أو مكافأته.
ويشير هنا الخبير التربوي إلى مثالين في هذا الصدد فيقول:
الطلفة التي رغبت في مساعدة والدتها في بعض شؤون المنزل كترتيب غرفة
النوم مثلاً ولم تجد أي إثابة من الأم فإنها تلقائيا لن تكون متحمسة لتكرار هذه
المساعدة في المستقبل وبما أن هدفنا هو جعل السلوك
السليم يتكرر مستقبلا فمن المهم إثابة السلوك ذاته وليس الطفل.
والطفلة التي رتبت غرفة النوم ونظفتها يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم
بالقول التالي: (تبدو الغرفة جميلة, وترتيبك لها وتنظيفها عمل رائع أفتخر به يا ابنتي الحبيبة)..
هذا القول له وقع أكبر في نفسية البنت من أن
نقول لها (أنت بنت شاطرة).
2- المكافأة المادية:
دلت الإحصاءات على أن الإثابة الإجتماعية تأتي في المرتبة الأولى
في تعزيز السلوك المرغوب بينما تأتي المكافأة المادية في المرتبة الثانية،
ولكن هناك أطفال يفضلون المكافأة المادية.
ما المقصود بالمكافأة المادية؟
إعطاء قطعة حلوى- شراء لعبة- إعطاء نقود- إشراك الطفلة في إعداد الحلوى
مع والدتها تعبيرا عن شكرها لها- السماح للطفل بمشاهدة
التلفاز لوقت أكثر- اللعب بالكرة مع الوالد- اصطحاب الطفل للذهاب
إلى المسجد أو إلى رحلة ترفيهية كالذهاب إلى حديقة الحيوان مثلاً.
ملاحظات هامة:
1- يجب تنفيذ المكافأة تنفيذاً بلا تردد ولا تأخير وذلك مباشرة بعد
إظهار السلوك المرغوب فالتعجيل بإعطاء المكافأة هو مطلب شائع
في السلوك الإنساني سواء للكبار أو الصغار.
2- على الأهل الإمتناع عن إعطاء المكافأة لسلوك مشروط من قبل الطفل
(أي أن يشترط الطفل إعطاءه المكافأة قبل تنفيذ السلوك المطلوب منه)
فالمكافأة يجب أن تأتي بعد تنفيذ السلوك المطلوب وليس قبله.
3- عدم مكافأة السلوك السيئ مكافأة عارضة أو بصورة غير مباشرة.
حيث يؤكد أحد خبراء التربية في هذا المجال قائلا:
السلوك غير المرغوب الذي يكافأ حتى ولو بصورة عارضة وبمحض
الصدفة من شأن أن يتعزز ويتكرر مستقبلا (مثال) الأم التي تساهلت
مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد بحجة عدم رغبة
البنت في النوم ثم رضخت الأم لطلبها بعد أن بكت البنت متذرعة
بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها, وسيعلم هذا السلوك
الفتاة أن في مقدورها اللجوء إلى البكاء مستقبلا لتلبية رغباتها
وإجبار أمها على الرضوخ.
(مثال آخر)
إغفال الوالدين للموعد المحدد لنوم الطفل وتركه مع التليفزيون ه
و مكافأة وتعزيز غير مباشر من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب
يؤدي إلى صراع بين الطفل وأهله إذا أجبروه بعد ذلك على النوم
في وقت محدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق