هموم ومشكلات إخوتي على كتفي
أ. زينب مصطفى
السؤال
أخي الأكبر عمره 19 عامًا، كان يُتابع بعض (الأفلام) منذ كان
عمره 12 عامًا، وكنتُ أتابعُ معه أيضًا، لكنني تركتُها، وهو ما يزال يُتابعها،
وأيضًا يتابع (الأنمي بموسيقا)، ومؤخرًا أصبح يتساهَل في سماع (الأغاني)،
و(يُدخِّن)، وهو الأمر الذي لم يتوقَّعْه أحدٌ منه!
هو في نظري فتًى عاقلٌ، ولديه بعضُ الحكمة، ولديه مبادئُ جيِّدةٌ،
عندما أحدِّثه عن ترْك هذه الأشياء يقول لي: لا تحرجيني، ويقول:
لقد كنتُ أفضل، كنتُ يوميًّا آتي إلى المسجد باكرًا، وأحفظ مِن القرآن
ما يتيسَّر لي حتى تُقامَ الصلاةُ، وما يزال - بحمد الله - يصلِّي في المسجد،
وهو متخرِّج في مدارس تحفيظ القرآن، ويقول: لا أعرف كيف أصبحتُ هكذا؟!
أخي الآخر عمره 13 عامًا، وهو ولدٌ يحب اللهْوَ كثيرًا، أشعر بأنه لا
يَملِك أهدافًا في حياتِه، يُسبِّب المشكلات كثيرًا، يخرج مِن البيت كثيرًا،
ولا يحب البقاءَ فيه، ويضرب إخوتي الصِّغار، ويتسلَّط عليهم،
غير مُلتزم بواجباته الدينيَّة، يُصلِّي أحيانًا، لكنه مقَصِّر في صلاته!
لديَّ أخٌ آخر أصغر منه، عمره 11 عامًا، لا يعرف طريقةَ الصلاة،
ولا يحفظ المعوذات أو التحيات، يُصلِّي بصمتٍ إذا أُجْبِر على الصلاةِ،
(ولا يهتم بالصلاة أصلًا)، ولا يعرف الكثير عن الحياة، وغالبًا ما
(يتسلَّط على أخواتي الصغيرات)، ويضربهنَّ،
كما أن لديه (صعوبةً في النُّطق)، فكلامُه مكسَّر!
أما أختي الصغيرة فعمرها 8 أعوام، تكره المدرسة بشدَّة،
ومستواها الدراسي ضعيفٌ، ولا تحبُّ أن تذاكرَ دروسها،
(ولديها ضعفٌ في التركيز).
أحتاج إلى نصائحكم للتعامل مع المشكلات التي ذكرتُها؛
ليكونوا أفضل، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
سعِدْتُ بكِ كثيرًا حبيبتي، ما أجملَ تلك الأخوَّة التي تَربطُكِ بأخواتكِ!
وتجعلُكِ تَبِيتِين تَحمِلين همَّهم ومسؤوليتهم، دون أن يطلبَ أحدٌ منك ذلك.
ما أروعَ قلبَكِ النقي الأبيض، الزاهي بفطرة وحنان وسَعَة صدر.
هنيئًا لكِ محبتكِ وقربكِ منهم، وهنيئًا لهم أن رُزِقُوا بأختٍ مثلك.
أمَّا عن أَخِيكِ الأكبر الذي عمره ١٩ عامًا، فهو بحاجةٍ إلى إشغالِ وقتِه؛
فلْتُشَجِّعيه على أن يشتركَ في أنشطةٍ جماعية يَلتَحِق بها في المسجدِ،
أو في أي مكانٍ موثوقٍ به؛ ففي هذا العمرِ يكون الإنسانُ في كامل
حيويته وطاقته، ورغبته في تحمُّل المسؤولية والتعلُّم، شجِّعيه على
أن يَبْنِيَ عَلاقاتٍ مع أصدقاء صالحين طَموحين، وأن يَبتَعِدَ عن أصدقاء
السوء، الذين لا يسعدون إلا بإفسادِ مَن حولهم ليَرتَاح ضميرُهم!
أخبريه دومًا بأنه رجلُ البيت بعد والدِكم - حفظه الله - وأنه قدوةٌ لأخواته
وإخوانه، وأنكم تحتاجون إليه دومًا؛ فهو سنَدُكم، وكوني قريبةً منه
دومًا كما ذكرتِ، اجْعَلِيه يَحكِي لكِ، وقِفِي معه، وكوني عوْنًا له على الخيرِ،
وامنَحيه الشعورَ بثقتِكِ فيه، وأنه جديرٌ بتلك الثقة والاحترام؛
فهو يحتاج إلى أن يَشعُر بالرجولة؛ فأَفهِميه أنَّ الرجولةَ هي تحمُّل المسؤولية،
وأن يكونَ قدوةً جيدة، وأن السجائر وأمثالها دليلُ ضعْفِ الإنسان وفراغِه.
أمَّا أخوكِ الآخر الذي عمره ١٣ عامًا، فهو بحاجةٍ إلى إفراغِ طاقتِه خارج
المنزل، فطبيعيٌّ في هذه السنِّ أن يحبَّ التمرُّدَ والعنادَ، ويستقوي على
مَن هم أصغر منه؛ لأنه يريد أن يَبْنِيَ شخصيتَه، ويستقلَّ بذاته، ويشعر
َ بأهميته؛ فامنحيه دومًا الثقةَ، وأَشعِرِيه بأنكِ تحتاجينه وتريدين
الاعتماد عليه في خروجكِ أو نحوه، فإن رفَض فلا تَضْغَطِي عليه،
لكنه سيكون سعيدًا لشعوره بأنه مُهمٌّ لديكم، وأنه قد كبر، ويُمكن
الاعتماد عليه، وأيضًا لا بدَّ مِن اشتراكه في نشاطاتٍ بدنيةٍ؛ ليُفرغ طاقتَه
البدَنيَّة بها، بدلًا من ضرْبِ الصغار؛ كأن يَشتَرِك في كرة قدمٍ، أو سباحة
ونحوها، وكُونِي قريبةً منه، واكتشفي له مواهبه، واجعَلِيه يفكِّر في
أهدافه، وماذا يريد أن يكونَ؟! سَاعِديه على اكتشافِ نفسه.
عمومًا الذكور أغلبُ حلِّ مشكلاتهم يكون في إفراغ الطاقة البدنية،
وإشعارهم بالثقة فيهم، واكتسابهم بالحبِّ والقرب منهم.
أما أخوكِ الذي عمره 11 عامًا، فهذا بحاجةٍ إلى احتواءٍ نفسيٍّ وعاطفيٍّ؛
ليعوِّض نقصَه، ويشعرَ بأنه مرغوبٌ، وشجِّعيه على الصلاة بأن
تحكي له عن الجنةِ، وتحدَّثي معه لماذا نحن نُصلي؟ ولماذا نفعل
ما يحب الله؟ فهو بحاجةٍ إلى زَرْعِ قِيَم وحب للصلاة؛ فهو ما زال صغيرًا،
وقد لا يَعرِف الكثير، حبِّبِيه فيها، ثم ساعِديه على حفْظِ التحيات
ونحوها، اشغلي له وقتَه، وساعديه على أن يَلعَب بألعابٍ تنمِّي ذكاءه،
وتعاوني أنتِ وإخوته على الوقوف بجوارِه؛ ليتجاوزَ محنته؛
فهو يحتاج الكثيرَ مِنْ حبكم وعطفِكم ومساعدتكم.
ومن الأفضل أيضًا أن تُخبِري والديكِ عن ضرورة منْحِه جلساتٍ
مع مختصٍّ نفسيٍّ؛ ليقرِّر احتياجه، ويحدِّد حالتَه.
وأما أختكِ التي عمرها 8 سنوات، فمن المهمِّ عرْضُها أولًا على مختصٍّ؛
ليُحَدِّد ما إذا كانتْ لديها صُعوباتُ تعلُّم، وتحتاج لتعامل خاصٍّ،
أم إنها تَفْتَقِد للاهتمام والتعليم بأسلوبٍ يشجِّعها؟
عمومًا أَخبِري والدتَكِ لتتحدَّثَ وتتواصَل مع مُعلِّمتِها، وأنَّ الاهتمامَ بها
سيُطوِّرها كثيرًا، فالأطفالُ في هذه السنِّ غالبًا ما يحبُّون التعلُّم
بأساليبَ جديدةٍ مبنيةٍ على الابتكار والدعْمِ والتشجيع والمكافآت،
ويميلون للتعلم عن طريق اللعب؛ كالتلوين، والحركات، والأنشطة المتنوِّعة،
وأَشعِرِيها دائمًا بأنها متفوِّقة، وامدحيها وساعديها فيما يصعبُ عليها،
احكي لأخواتِكِ دائمًا قصصَ الأنبياء، وعلِّقي قلوبَهم بالله ليُحِبُّوه،
حينها سيختارون الطريقَ الصحيح الذي زُرِع في قلوبهم.
بالتأكيدِ والدتكم تَعِبتْ كثيرًا مِنْ أجْلِكم، فما أجملَ أن يُسَاعِدَها الكبارُ
بحبٍّ وسَعَة صدرٍ، فتكوِّنوا أسرةً جميلة مترابطةً، مُحِبَّةً لبعضِها البعض،
ولْتَثِقِي أنَّ كلَّ ذلك في ميزان حسناتِكِ، وستكونين قريبة مفضَّلة لقلوبِ
إخوتِكِ حينما يكبرون ويَعُون ما فعلتِه من أجْلِهم.
وفَّقكِ الله - حبيبتي - وباركَ فيكِ، فمثلُكِ كَنْزٌ نادرٌ! لا تنسي أن
تَستَعِيني بالله تعالى، ولْتَتَذَكَّري دائمًا أنكِ يجب ألَّا تفعلي لهم،
وتتعبي لهم، وإنما تُعطِيهم المفاتيحَ ليسيروا في الطريق
الصحيح - بإذن الله تعالى.
سدَّد الله خطاك
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق