لا يسعه إلا أن يصلح ما أفسده
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
تأمل شرطَ اللهِ تَعَالَى للتوبة: ﴿ تَابُوا ﴾...... ﴿ وَأَصْلَحُوا ﴾!
بعضُ النَّاسِ حالَ كفرِهِ يفسدُ أعظمَ إفسادٍ، فيطعنُ فِي الإسلامِ، ويفتري
على شَرِيعَتِهِ الكذبَ، وَيَرْمِي رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأباطيل،
تنفيرًا للناس عن دين الله، وصدًا عن سبيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وله في ذلك
باع كبير، ويدٌ طولى.
ومثل هذا لا يكفيه إذا تاب من كفره أن يجلس في بيته ويعتزل الناس
بل يجب عليه أن يسعى لطمس الضلال الذي نشره،
ودحض الباطل الذي نصره، وإصلاح ما أفسده.
وكذا من كان عاصيًا من المسلمين، إذا تاب لله تعالى، وكان قبلها ينصر
بدعة من البدع، أو يسعى في تزيين باطل، أو نشر رذيلة، لا يسعه إلا أن
يصلح ما أفسده، وينصر الحق بقدر نصرته الباطل حال عصيانه.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَرَادَ سَفَرًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ:
«اعْبُدِ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي. قَالَ: «إِذَا أَسَأْتَ
فَأَحْسِنْ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي. قَالَ: «اسْتَقِمْ وَلْتُحَسِّنْ خُلُقَكَ»
وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصِنِي، فَقَالَ:
«عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ مَا اسْتَطَعْتَ، وَاذْكُرِ اللهَ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وشَجَرٍ، وَمَا عَمِلْتَ
مِنْ سُوءٍ فَأَحْدَثْ لِلَّهِ فِيهِ تَوْبَةً: السِّرُّ بِالسِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةُ بِالْعَلَانِيَةِ»
ولما أسلم عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال لرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
والذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر
إلا جلست فيه بالإيمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق