الهدية
قال عمرو بن قيس:
إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به ولو مرة تكن من أهله..
---------------
أنهيتُ دراستي في المعهد الصحي بعد مشقة..
فلم أكن منضبطاً في دراستي.. ولكن الله سبحانه يسر لي التخرج..
وعينتُ في أحد المستشفيات القريبة من مدينتي..
الحمد لله أموري متيسرة.. وأعيش بين والديّ.
قررت أن أجمع مهراً لزوجتي.. وهو ما تحثني عليه والدتي كل يوم.. كان
العمل يسير بشكل جدّي ومرتب.. خاصة أن عملي في مستشفى عسكري..
كنت أحب الحركة لذلك نجحت في عملي نجاحاً طيباً.. مقارنة بدراستي
النظرية المملّة..
المستشفى يضم موظفين من مختلف الجنسيات تقريباً.. وكانت علاقتي بهم
علاقة عمل.. كنا أنهم كانوا يستفيدون من وجودي معهم كابن للبلد..
فأنا دليلهم للمناطق الأثرية.. والأسواق.. كما أنني كنت أذهب ببعضهم
إلى مزرعتنا.. وكانت علاقتي بهم قوية. وكالعادة.. عند نهاية عقد
أحد الموظفين.. كنا نقوم بعمل حفلة توديع..
وفي أحد الأيام قرر أحد الأطباء البريطانيين السفر
إلى بلاده لانتهاء مدة عمله معنا..
تشاورنا في إقامة حفل وداع له.. وكان المكان المحدد هو مزرعتنا...
تم الترتيب بشكل عام.. ولكن كان يأخذ جل تفكيري.. ما هي الهدية
التي سأقدمها له.. وبخاصة أنني عملت ملازماً له لفترة طويلة..
وجدت الهدية القيمة والمناسبة في نفس الوقت.. هذا الطبيب يهوي
جمع القطع التراثية.. وبدون تعب ولا مشقة..
والدي لديه الكثير من هذه المقطع .. فكان أن سألته.. وأخذت منه قطعة
تراثية من صنع المنطقة قديماً.. وكان ابن عم لي حاضراً لحوار مع والدي..
وأضاف لماذا لا تأخذ له هدية على شكل كتاب عن الإسلام.. أخذت القطعة
التراثية.. ولم آخذ كلام ابن عمي على محمل الجد.. إلا أن الله يسر لي الأمر
بدون بذل جهد.. ذهبت من الغد لشراء الصحف والمجلات من المكتبة..
فوجدت كتاباً عن الإسلام باللغة الإنجليزية.
عادت كلمات ابن عمي ترن في أذني.. راودتني فكرة شرائه خاصةً أن سعره
زهيد جداً.. أخذت الكتاب.. ويوم الاحتفال بتوديع زميلينا.. وضعت الكتاب
وسط القطعة التراثية وكأني أخبئه.. قدّمت هديتي.. وكان وداعاً مؤثراً..
فهذا الطبيب محبوب من جميع العاملين..
سافر صاحبنا.. مرت الأيام والشهور سريعة.. تزوجت ورزقت طفلا..
· ذات يوم وصلتني رسالة من بريطانيا.. قرأتها بتمهل فقد كانت باللغة
الإنجليزية.. مبدئياً فهمت بعض محتوياتها.. والبعض لم أفهمه..
عرفت أنها من صديق قديم طالما عمل معنا ولكنني رجعت إلى ذاكرتي..
اسمه أول مرة أسمعه.. بل وغريب على سمعي (ديف الله) هذا هو اسمه..
أغلقت الرسالة أحاول أن أتذكر صديقاً اسمه (ديف الله) ولكنني عجزت
عن تذكر شخص بهذا الاسم.. فتحت الرسالة قرأتها مرة أخرى.. بهدوء
انسابت الحروف ببساطة وسهولة.. هذا جزء من رسالته..
الأخ الكريم ضيف الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لقد يسر الله لي الإسلام وهداني على
يديك.. فلن أنسى صداقتك معي.. وسأدعو لك.. أتذكر الكتاب الذي أهديتني
إياه عند سفري.. لقد قرأته ذات يوم وزادت لهفتي لمعرفة الكثير عن
الإسلام.. ومن توفيق الله لي أنني وجدت على غلافه عنوان ناشر الكتاب.
فأرسلت إليهم أطلب المزيد.. فأرسلوا لي ما طلبت.. والحمد لله شع نور
الإسلام في قلبي.. وذهبت للمركز الإسلامي وأعلنت إسلامي.. وغيرت
اسمي من جون إلى (ضيف الله) أي إلى اسمك.. لأنك صاحب الفضل بعد لله..
كما أنني أرفق لك صورة من شهادة إشهار إسلامي.. وسأحاول القدوم إلى
مكة المكرمة لأداء فريضة الحج..
أخوك في الإسلام.. ضيف الله.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أغلقت الرسالة.. بسرعة أعد فتحها.. بدأت أقرأها من جديد..
هزتني الرسالة بقوة.. لنني أشعر بالصدق في كل حرف من حروفها..
بكيت كثيرا.. كيف أن الله هدى رجلاً إلى الإسلام على يدي وأنا مقصر
في حقه.. كتاب لا يساوي خمسة ريال يهدي به الله رجلاً..
أصابني حزن.. وفرح.
فرحت أن الله هداه للإسلام بدون جهد مني.. وحزنت كثيراً.. لنني سألت
نفسي أين أنا الفترة الماضية عن العاملين معي.. لم أدعهم للإسلام..
لم أعرّفهم بهذا الدين..
ولا كلمة عن الإسلام تشهد لي يوم القيامة..
لقد حادثتهم كثيرا.. مازحتهم كثيراً.. ولكنني لم أحدثهم عن الإسلام
لا قليلاً ولا كثيراً.
هدى الله ضيف الله للإسلام.. وهداني إلى محاسبة نفسي وتقصيري
في طاعته.. لن أحقر من المعروف شيئاً ول وكتاب بريال واحد فقط..
فكرت قليلاً لو أن كل مسلم أهدى من هم حوله كتاباً واحداً فقط.. ماذا يكون..
لكنني صدمت مرة أخرى.. من هول ما قرأت..
· بعض الحقائق عن أفريقيا تقول:
- تم جمع مبلغ 139 ألف مليون دولار أمريكي في أمريكا لأغراض الكنيسة.
- تم تجنيد 3968200 مبشر نصراني خلال نفس السنة..
- وُزّع من الإنجيل 112564400 نسخة..
- بلغ عدد محطات الإذاعة والتلفزيون النصرانية 1620 محطة.
هذه الإحصائية مأخوذة من المجلة الدولية لأبحاث التنصير الأمريكية..
العدد 1 مجلد 11 – 1987م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق