اعتن بقلبك
إنه القلب، تلك المضغة التي أودَعَها الله في صَدْرِك، تسير معك أينما كنت، تحمل حزنَكَ وفَرَحَكَ، أحاسيسَكَ ومشاعرَكَ، وآلامَكَ وآمالَكَ، وجميعَ أسرارِكَ.
هل تعلم أن هذه المضغة هي محل نظر ربِّك، كما قال نبيُّكَ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، وَأَعْمَالِكُمْ))؛ رواه مسلم.
فليكُنْ قلبُكَ مُتعلِّقًا بالله وحده، يرجو عَفْوَه وكَرَمَه، فهلا تعاهدتَ قلبَكَ كما تتعاهد الفسيلة الصغيرة حتى تُزهر وتُؤتي ثمارها!
قلبك عندما ترويه بالعبادات والطاعات يُزهِر بثمرة الإيمان، وما أعظمها من ثمرة! مَنْ أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
اعتَنِ بقلبك، بإيمانه، بإخلاصه، فتِّش عن مكنوناته، استخرج ما فيه من دُرَرٍ تُعينك في طريقك إلى ربِّك.
اعتَنِ بقلبِكَ، واسأل الله تعالى أن يجعله سليمًا مُنيبًا، جاهد بكُلِّ ما أوتيت من قوَّةٍ لإصلاحه؛ فهو الملك المتوَّج الذي تتبعه الجوارحُ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))؛ متفق عليه.
صلاح حالك مع الله يأتي من تفقُّدِكَ لقلبك وأحواله، فتبعده عمَّا قد ينأى به بعيدًا عن ربِّه، تحفظه من الفتن والشهوات، فلا يرجو إلَّا ربَّه ورِضاه.
قلبك كان دومًا رفيقك في الدنيا، ثم سيكون كذلك في الآخرة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89] فاعتَنِ بذاك القلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق