حياة جديدة
خُلقنا جميعًا من نفس واحدة، لأبٍ واحد وأمٍّ واحدة، وكان الناس أمة واحدة، تجتمع على كلمة التوحيد والاعتراف بربوبيته وحده لا شريك لك، وبعد أن اختلفوا بعث الله رسلًا وأنبياءَ عليهم صلوات الله وسلامه جميعًا، وختمهم بأشرفهم وهو شفيع المسلمين يوم العرض، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وبعث برسالة الإسلام للخلق أجمعين، وكان معه أعظم وأكبر دليل على رسالته الطاهرة ودينه الحنيف..
ففي إحدى الليالي المباركات وبالتحديد ليلة القدر، وقبل أكثر من ألف وأربعمائة عام - نزلت على رسولنا كلمات سكينة وطمأنينة، كلماتٌ لا تُقدَّر بكنوز الأرض كلها، كلمات تخِرُّ لها الجباه والجبال، إنها كلمات القرآن الكريم، الذي نزل بها الأمين جبريل عليه السلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
إنه القرآن الكريم كلام الله عز وجل لرسولنا محمد عليه السلام، كلمات من الله تعالى لعباده جميعًا، للمسلمين ولغير المسلمين، آيات ودلائل على وحدانيته وعظيم شأنه، لا يعلمها إلا أولو الألباب، ولا يسعى لفهمها إلا أصحاب العقول المستنيرة.
وكل هذا يوضحه عز وجل حين قال: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، كيف بكتاب يباركه رب السماوات والأرض؟ ما هذا إلا دليل على عظمة هذا الكتاب العظيم، الذي جمع واشتمل على ما يهمنا في أمور دنيانا وآخرتنا، إنه كتاب لا مثيل له، إنه كتاب هداية للناس أجمعين، يبين لهم طريق الحق وطريق الضلال وجزاء كل منهما؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإسراء: 9، 10]، وما هذا إلا دعوة صريحة من الله سبحانه وتعالى يدعونا فيها لتدبر قرآنه؛ وذلك كي نفهم ونتعلم أحكامه ونطبق ما فيه من أوامر ونواهٍ؛ كي يهذب نفوسنا ويسموَ بها إلى أعلى المستويات، يدعونا لتدبره؛ كي تستقيم حياتنا حاضرها ومستقبلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق