من جوامع الدعاء
* عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ- يَدْعُو: "رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي
وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ
اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ
تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ
لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي". وفي رواية " إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا"*.
أخرجه النسائي في "الكبرى" (10368)، وأبو داود (1510)، والترمذي
(3551)، وابن ماجه (3830)، وصححه الألباني في صحيح الجامع
الصغير وزيادته (1/ 656)، والوادعي في الصحيح المسند مما ليس
في الصحيحين (1/ 515).
الشرح :
قولهرَبِّ أَعِنِّي)أي: وفقني لذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وقولهوَلَا تُعِنْ عَلَيَّ) أي: لا تغلب علي من يمنعني من طاعتك
من شياطين الإنس والجن.
**قولهوَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ)* أي: أغلبني على الكفار ولا تغلبهم
علي، أو انصرني على نفسي فإنها أعدى أعدائي ولا تنصر النفس الأمارة
علي بأن أتبع الهوى وأترك الهدى*.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)].
قولهوَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ) المكر الخداع وهو من الله إيقاع بلائه
بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقيل: هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم
أنها مقبولة وهي مردودة.
[شرح المشكاة للطيبي (6/ 1925)].
فالمعنى: اللهم اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق
دفعه إياي عن نفسه، أو ألحق مكرك بأعدائي لا بِي، فيكون المكر من الله له
ولا يكون من الله عليه.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)، شرح أبي داود للعيني
(5/ 421)، شرح سنن أبي داود للعباد (180/ 26)].
والمكر في المخلوق نقص، إلا إذا اقترن بنية صالحة؛ كمكر يوسف -عليه
السلام- بإخوانه ليأخذ أخاه، أما في حق الله تعالى فإرادة الباري سبحانه كلها
خير. ومكره بالعبد لما يبدر منه من سوء الصنيع والعمل وخبث النية
والطوية، فلهذا يستدرجه سبحانه ويمكر به، ففي مكره سبحانه خير وحكمة
﴿إنه هو العزيز الحكيم﴾ [العنكبوت: ٢٦].
[شرح صحيح الأدب المفرد للعوايشة (2/315)].
قولهوَاهْدِنِي) أي دلني على الخيرات أو على عيوب نفسي.
قوله: (وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ) وفي رواية "الهدى" أي: سهل اتباع الهداية أو
طرق الدلالة لي حتى لا أستثقل الطاعة ولا أشتغل عن العبادة.
قولهوَانْصُرْنِي) أي: بالخصوص. (عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ) أي: ظلمني وتعدى
علي قاله تأكيدا لأَعِنِّي إلخ. والصواب أنه تخصيص لقوله: وانصرني
في الأول.
قولهاللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ) قدم المتعلق للاهتمام والاختصاص
أو لتحقيق مقام الإخلاص.
قوله: (شَاكِرًا) أي على النعماء والآلاء.
قولهلَكَ ذَاكِرًا) في الأوقات والآناء.
قولهلَكَ رَاهِبًا) أي خائفا في السراء والضراء، والرهبة: الخوف.
قولهلَكَ مِطْوَاعًا) بكسر الميم مفعال للمبالغة أي كثير الطوع وهو الانقياد
والطاعة وفي رواية قوله:"مطيعا" أي: منقادا.
وفي رواية "لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا" على وزن فعال بصيغة
المبالغة. أي: كثير الشكر والذكر والرهبة لك.
قوله: (إِلَيْكَ مُخْبِتًا) أي: خاضعا خاشعا متواضعا من الخبت وهو المطمئن من
الأرض يقال أخبت الرجل إذا نزل الخبت ثم استعمل الخبت استعمال اللين
والتواضع قال تعالى: {وأخبتوا إلى ربهم} [هود: 23] أي اطمأنوا
إلى ذكره أو سكنت نفوسهم إلى أمره.
قولهإِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا) أي: متضرعا فعال للمبالغة من أوه تأويها، وتأوه
تأوها إذا قال: أوه، أي قائلا كثيرا لفظ أوه، وهو صوت الحزين، أي اجعلني
حزينا ومتفجعا على التفريط، أو هو قول النادم من معصيته المقصر
في طاعته، وقيل: الأوَّاه البَّكاء.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)].
قولهمُنِيبًا) أي راجعا إليك، تائباً عما اقترفت من الذنوب، قيل: التوبة
رجوع من المعصية إلى الطاعة والإنابة من الغفلة إلى الذكر.
وإنما اكتفي في قوله أواها منيبا بصلة واحدة لكون الإنابة لازمة للتأوه
ورديفا له فكأنهما شيء واحد، ومنه قوله تعالى:
{إن إبراهيم لحليم أواه منيب} [هود: 75].
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)،
شرح المشكاة للطيبي (6/ 1926)].
قولهرَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي) بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها
لا تتخلف عن حيز القبول قال تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}
[الشورى: 25].
قولهوَاغْسِلْ حَوْبَتِي) بفتح الحاء ويضم أي امح ذنبي، والحاب الإثم سمي
بذلك لكونه مزجورا عنه، إذ الحوب في الأصل لزجر الإبل.
ثم ذكر الغسل ليفيد إزالته بالكلية والتنزه والتقصي عنه
كالتنزه عن القذر الذي يستنكف عن مجاورته.
قولهوَأَجِبْ دَعْوَتِي) أي: دعائي.
قولهوَثَبِّتْ حُجَّتِي) أي: على أعدائك في الدنيا والعقبى أو ثبت
قولي وتصديقي في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1724)].
قولهوَاهْدِ قَلْبِي) أي: إلى معرفتك والقيام بشكرك.
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان (7/ 302)].
قولهوَسَدِّدْ) أي: صوب وقوم. (لِسَانِي)
حتى لا ينطق إلا بالصدق ولا يتكلم إلا بالحق.
قولهوَاسْلُلْ) بضم اللام الأولى أي أخرج.
قولهسَخِيمَةَ قَلْبِي) أي: غشه وغله وحقده وحسده ونحوها،
مما ينشأ من الصدر ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق.
وفي رواية "سخيمة صدري" قيل السخيمة الضغن والحقد من السخمة وهو
السواد ومنه سخام القدر، وقيل السخيمة الضغينة وإضافتها إلى الصدر لأن
مبدأها القوة الغضبية التي في القلب الذي هو في الصدر، وسَلُّها إخراجها
وتنقية الصدر منها من سل السيف إذا أخرجه من الغمد.
[انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723) (5/ 1724)].
* عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ
وَسَلَّمَ- يَدْعُو: "رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي
وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ
اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ
تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ
لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي". وفي رواية " إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا"*.
أخرجه النسائي في "الكبرى" (10368)، وأبو داود (1510)، والترمذي
(3551)، وابن ماجه (3830)، وصححه الألباني في صحيح الجامع
الصغير وزيادته (1/ 656)، والوادعي في الصحيح المسند مما ليس
في الصحيحين (1/ 515).
الشرح :
قولهرَبِّ أَعِنِّي)أي: وفقني لذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
وقولهوَلَا تُعِنْ عَلَيَّ) أي: لا تغلب علي من يمنعني من طاعتك
من شياطين الإنس والجن.
**قولهوَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ)* أي: أغلبني على الكفار ولا تغلبهم
علي، أو انصرني على نفسي فإنها أعدى أعدائي ولا تنصر النفس الأمارة
علي بأن أتبع الهوى وأترك الهدى*.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)].
قولهوَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ) المكر الخداع وهو من الله إيقاع بلائه
بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقيل: هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم
أنها مقبولة وهي مردودة.
[شرح المشكاة للطيبي (6/ 1925)].
فالمعنى: اللهم اهدني إلى طريق دفع أعدائي عني ولا تهد عدوي إلى طريق
دفعه إياي عن نفسه، أو ألحق مكرك بأعدائي لا بِي، فيكون المكر من الله له
ولا يكون من الله عليه.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)، شرح أبي داود للعيني
(5/ 421)، شرح سنن أبي داود للعباد (180/ 26)].
والمكر في المخلوق نقص، إلا إذا اقترن بنية صالحة؛ كمكر يوسف -عليه
السلام- بإخوانه ليأخذ أخاه، أما في حق الله تعالى فإرادة الباري سبحانه كلها
خير. ومكره بالعبد لما يبدر منه من سوء الصنيع والعمل وخبث النية
والطوية، فلهذا يستدرجه سبحانه ويمكر به، ففي مكره سبحانه خير وحكمة
﴿إنه هو العزيز الحكيم﴾ [العنكبوت: ٢٦].
[شرح صحيح الأدب المفرد للعوايشة (2/315)].
قولهوَاهْدِنِي) أي دلني على الخيرات أو على عيوب نفسي.
قوله: (وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ) وفي رواية "الهدى" أي: سهل اتباع الهداية أو
طرق الدلالة لي حتى لا أستثقل الطاعة ولا أشتغل عن العبادة.
قولهوَانْصُرْنِي) أي: بالخصوص. (عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ) أي: ظلمني وتعدى
علي قاله تأكيدا لأَعِنِّي إلخ. والصواب أنه تخصيص لقوله: وانصرني
في الأول.
قولهاللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ) قدم المتعلق للاهتمام والاختصاص
أو لتحقيق مقام الإخلاص.
قوله: (شَاكِرًا) أي على النعماء والآلاء.
قولهلَكَ ذَاكِرًا) في الأوقات والآناء.
قولهلَكَ رَاهِبًا) أي خائفا في السراء والضراء، والرهبة: الخوف.
قولهلَكَ مِطْوَاعًا) بكسر الميم مفعال للمبالغة أي كثير الطوع وهو الانقياد
والطاعة وفي رواية قوله:"مطيعا" أي: منقادا.
وفي رواية "لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا" على وزن فعال بصيغة
المبالغة. أي: كثير الشكر والذكر والرهبة لك.
قوله: (إِلَيْكَ مُخْبِتًا) أي: خاضعا خاشعا متواضعا من الخبت وهو المطمئن من
الأرض يقال أخبت الرجل إذا نزل الخبت ثم استعمل الخبت استعمال اللين
والتواضع قال تعالى: {وأخبتوا إلى ربهم} [هود: 23] أي اطمأنوا
إلى ذكره أو سكنت نفوسهم إلى أمره.
قولهإِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا) أي: متضرعا فعال للمبالغة من أوه تأويها، وتأوه
تأوها إذا قال: أوه، أي قائلا كثيرا لفظ أوه، وهو صوت الحزين، أي اجعلني
حزينا ومتفجعا على التفريط، أو هو قول النادم من معصيته المقصر
في طاعته، وقيل: الأوَّاه البَّكاء.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)].
قولهمُنِيبًا) أي راجعا إليك، تائباً عما اقترفت من الذنوب، قيل: التوبة
رجوع من المعصية إلى الطاعة والإنابة من الغفلة إلى الذكر.
وإنما اكتفي في قوله أواها منيبا بصلة واحدة لكون الإنابة لازمة للتأوه
ورديفا له فكأنهما شيء واحد، ومنه قوله تعالى:
{إن إبراهيم لحليم أواه منيب} [هود: 75].
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723)،
شرح المشكاة للطيبي (6/ 1926)].
قولهرَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي) بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها
لا تتخلف عن حيز القبول قال تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}
[الشورى: 25].
قولهوَاغْسِلْ حَوْبَتِي) بفتح الحاء ويضم أي امح ذنبي، والحاب الإثم سمي
بذلك لكونه مزجورا عنه، إذ الحوب في الأصل لزجر الإبل.
ثم ذكر الغسل ليفيد إزالته بالكلية والتنزه والتقصي عنه
كالتنزه عن القذر الذي يستنكف عن مجاورته.
قولهوَأَجِبْ دَعْوَتِي) أي: دعائي.
قولهوَثَبِّتْ حُجَّتِي) أي: على أعدائك في الدنيا والعقبى أو ثبت
قولي وتصديقي في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر.
[مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1724)].
قولهوَاهْدِ قَلْبِي) أي: إلى معرفتك والقيام بشكرك.
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان (7/ 302)].
قولهوَسَدِّدْ) أي: صوب وقوم. (لِسَانِي)
حتى لا ينطق إلا بالصدق ولا يتكلم إلا بالحق.
قولهوَاسْلُلْ) بضم اللام الأولى أي أخرج.
قولهسَخِيمَةَ قَلْبِي) أي: غشه وغله وحقده وحسده ونحوها،
مما ينشأ من الصدر ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق.
وفي رواية "سخيمة صدري" قيل السخيمة الضغن والحقد من السخمة وهو
السواد ومنه سخام القدر، وقيل السخيمة الضغينة وإضافتها إلى الصدر لأن
مبدأها القوة الغضبية التي في القلب الذي هو في الصدر، وسَلُّها إخراجها
وتنقية الصدر منها من سل السيف إذا أخرجه من الغمد.
[انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 1723) (5/ 1724)].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق