دول الخليج.. بين مطرقة تغير المناخ وسندان الاعتماد على النفط
ضغوط خلف الكواليس
وكانت السعودية واحدة من عدة دول مارست ضغوطاً خلف الكواليس قبل قمة كوب 26
لتغيير نبرة الحديث حول انبعاثات غازات الدفيئة، في محاولة على ما يبدو
لتخفيف حدة تقرير لجنة العلوم التابعة للأمم المتحدة حول ظاهرة الاحتباس
الحراري، وفقًا لوثائق مسربة بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.
ولا تقوم السعودية بزيادة الإنتاج النفطي فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا
رئيسيًا في تبني صناعات ناشئة تبلغ كلفتها مليارات الدولارات يعتمد بعضها
على تقنية "الاقتصاد الدائري للكربون" وتوصف بأنها وسيلة للحصول على هواء
أنظف. لكنّ هذه الخطوة لم ترق للمدافعين عن البيئة، فقد ندّدت بها منظمة
غرينبيس، واصفة إياها بـ"التمويه الأخضر"، في عبارة بدأ استخدامها منذ فترة
وتدل على تضليل المستهلكين حول ممارسات بيئية معينة أو فوائد بيئية لمنتج
أو لخدمة ما.
ويقول خبراء إن "الاقتصاد الدائري للكربون"، القائم على سحب الكربون من
الهواء والانبعاثات وإعادة استخدامه في منتجات أخرى مثل الوقود والأسمدة،
يمكن أن يساعد في تخفيف التلوث بشكل أكبر.
وتقول مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن كارين
يونغ لوكالة فرانس برس "قد لا يبدو الاقتصاد الدائري للكربون رائعًا
لأولئك الذين يدفعون نحو التخلي عن استخدام المشتقات النفطية، ولكنه طريقة
منطقية لإنتاج وقود منخفض الانبعاثات أو عديم الانبعاثات".
ويرى أحمد الدروبي، مدير حملة غرينبيس (السلام الأخضر) في الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا، أن السعودية لا تزال معقل عصر الوقود الأحفوري رغم
"مبادراتها الخضراء" ومشاريعها للطاقة المتجددة التي تمثل جزءًا بسيطًا من
الاستثمار الذي يواصلون ضخه في صناعة الوقود التقليدي". ويضيف لفرانس برس
أن "موقع السعودية الاستراتيجي، يسمح لها بمواصلة الاستثمار بشكل آمن في
الوقود الأحفوري مع مراعاة التأثيرات على المناخ في أفضل الأحوال".
تحذيرات خليجية
وتدعو دول الخليج العربية بشكل خاص وعلني إلى استخدام تقنيات احتجاز
الكربون بدلاً من التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري، محذرة من أن
الانتقال السريع من شأنه أن يترك السكان الأفقر حول العالم دون إمكانية
للوصول إلى الطاقة.
في المقابل تنتقد منظمة السلام الأخضر، التي حصلت على الوثائق المسربة، هذا
النهج، قائلة إن تقنيات احتجاز الكربون "غير المؤكدة حتى الآن" تسمح للدول
بإصدار المزيد من غازات الاحتباس الحراري على افتراض "متفائل" بإمكانية
إخراجها من الغلاف الجوي لاحقًا.
وفي الوقت نفسه، فإن شركات الطاقة الوطنية مثل أرامكو السعودية وأدنوك في
أبوظبي وقطر للطاقة، تمضي قدمًا في الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات
وتعزيز الاستثمارات في المنتجات البتروكيماوية المستخدمة في الأسمدة
والبلاستيك والمطاط والبوليمرات الأخرى.
وتتوقع منظمة أوبك أن الدفع نحو استخدام الطاقة البديلة والمتجددة سيؤذن
بدخول عصر انخفاض الطلب على النفط في بعض أنحاء العالم، إلا أنه سيظل
المصدر الأول للطاقة حتى عام 2045 على الأقل. وتتوقع أن من بين 2.6 مليار
سيارة على الطريق بحلول عام 2045، ستعمل 20٪ منها فقط بالكهرباء.
تنويع مصادر الدخل خوفاً من المستقبل
على الرغم من أن دول الخليج الست لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الوقود
الأحفوري في الإنفاق الحكومي، فقد اتخذت خطوات لمحاولة تنويع اقتصاداتها،
حيث تقود السعودية والإمارات جهودًا حثيثة لجذب الاستثمار في الصناعات
الجديدة. ومع ذلك، يأتي أكثر من نصف عائدات السعودية من النفط، مع توقعات
بأرباح تقدر بنحو 150 مليار دولار هذا العام وحده مع ارتفاع الأسعار إلى 85
دولارًا للبرميل.
ويقول جيم كرين إن "صادرات النفط هي شريان الحياة للاقتصاد السعودي والنظام
السياسي السعودي.. ستكون كارثة للمملكة إذا تخلى بقية العالم بسرعة عن
النفط."
ويشدد علماء على أنه من الواجب الاستثمار في الطاقة المتجددة للحد من
ارتفاع درجة الحرارة إلى 2.7 درجة فهرنهايت (1.5 درجة مئوية)، رغم أن
تقريرًا جديدًا للأمم المتحدة وجد أن التعهدات الجديدة للحكومات ليست صارمة
بما يكفي للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة تحت هذه الدرجة بنهاية 100 عام.
وتحذر الأمم المتحدة من أنه حتى مع الخفض الشديد في انبعاثات غازات
الاحتباس الحراري، فإنه يُتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في العالم
بمقدار 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي بحلول عام 2030،
ما يسرّع الاتجاه المدمّر للكوارث المرتبطة بتغير المناخ في جميع أنحاء
العالم.
ومن الناحية العلمية، يمكن إلقاء اللوم في ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل
شبه كامل على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد
الكربون والميثان. وإذا تم تجاوز الحد الأقصى لهذا الارتفاع، فإن الضرر
سيكون لا رجعة فيه بحسب ما يؤكد خبراء.
الاثنين، 23 يناير 2023
دول الخليج.. بين مطرقة تغير المناخ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق