أمر الله -عز وجل- بالسياحة في الأرض، والنظر
والاعتبار في آلائه ودقة
صنعه وتَدَبُّرِ آثار الأمم
السابقة.
فقال تعالى:
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ
بَدَأَ الْخَلْقَ }
العنكبوت: 20
وقال
تعالى:
{ قُلْ سِيرُوا فِي
الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ }
الأنعام: 11
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا
)
رواه أحمد.
ومن آداب المسلم في السفر:
النية الصالحة:
المسلم يجعل من سفره قربة إلى الله باستحضار النية
الصالحة،
قال
صلى الله عليه وسلم:
( إنما
الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى،
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله
ورسوله،
ومن
كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ
ينكحها
فهجرته
إلى ما هاجر إليه )
متفق
عليه.
أن يكون السفر لما يحبه الله
ويرضاه:
قال
صلى الله عليه وسلم:
( ما من خارج من بيته إلا ببابه رايتان؛ راية بيد
ملك،
وراية
بيد شيطان، فإن خرج لما يحب الله اتبعه الملك
برايته،
فلم
يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته. وإن
خرج
لما يسخط الله اتبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت
راية الشيطان
حتى
يرجع إلى بيته )
أحمد والطبراني.
الاستشارة والاستخارة قبل الخروج للسفر:
المسلم يشاور إخوانه فيما ينوي عمله من أمور؛
قال تعالى:
{ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }
الشورى: 38
كما
أنه يستخير ربه، ويعمل بما ترتاح إليه نفسه
بعدها؛
روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( من
سعادة ابن آدم استخارته الله. ومن سعادة ابن آدم رضاه
بما قضى الله له. ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة
الله. ومن شقاوة
ابن آدم سخطه بما قضى الله
له)
رواه الترمذي والحاكم.
قـضاء الديون ورد الودائع:
المسلم
يؤدي ما عليه من ديون وودائع، وغيرها من الأمانات قبل سفره،
فإن لم يقدر على سداد الدَّين، فليستأذن المدين في
الخروج، فإن أذن له خرج
وإلا قعد. فعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة ترك
علي بن
أبي طالب في مكة؛ حتى يؤدي الودائع إلى أهلها.
وصية الأهل:
قال
صلى الله عليه وسلم:
( ما
حقُّ امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي
فيه،
يبيت
ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )
متفق
عليه
اخـتيار رفيق السفر:
المسلم
يختار رفيقه في السفر من أهل الدين والتقوى ليعينه على الطاعة،
قال صلى الله عليه
وسلم:
( الرجل على
دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )
رواه أبوداود والترمذي
وقال
صلى الله عليه وسلم:
( لو يعلم
الناس ما في الوحدة ما
أعلم ما سار راكب بليل وحده
)
رواه
البخاري
وقال صلى الله عليه
وسلم:
(الراكب شيطان،
والراكبان شيطانان، والثلاثة رَكْبٌ )
رواه أبو داود والترمذي
وأحمد
إعداد
الزاد:
يحرص
المسلم على إعداد الزاد والنفقات التي توصله إلى غايته بسلامة
الله.
يفضل السفر يوم الخميس:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في سفر
إلا يوم الخميس.
أبو
داود.
السفر أول النهار:
دعا الرسول صلى الله عليه وسلم بالبركة لمن يبكرون في
أعمالهم،
فقال صلى الله عليه وسلم:
( اللهم بارك لأمتي في بكورها
)
رواه
أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
وكان
صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم في أول
النهار.
أبو داود
الصلاة قبل السفر:
المسلم
يحرص على صلاة ركعتين قبل سفره،
روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( ما
خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين
يركعهما عندهم حين يريد سفرًا
)
رواه
ابن أبي شيبة.
توديع الأهل والأصدقاء:
المسلم
يودع أهله عند سفره، ويوصيهم بخير،
وقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول للرجل إذا
أراد السفر:
هلم
أودِّعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
( أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك )
رواه أبوداود
دعاء الأهل والأصدقاء للمسافر:
المسلم يتمنى للمسافر التوفيق
والسلامة،
طلب الدعاء من المسافر:
قال
عمر -رضي الله عنه-:
استأذنتُ النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن
لي
وقال:
( أي أخي، أشركنا في دعائك ولا تَنْسَنَا
)
رواه
الترمذي وابن ماجه وأحمد
الدعاء عند الرحيل:
ويقول
عند الخروج من البيت:
( باسم الله، توكلتُ على الله. لا حول ولا قوة إلا
بالله.
رب
أعوذ بك أن أضل أو أُضََلَّ، أو أزل أو أُزَل أو أظلم أو
أُظلم،
أو
أجهل أو يجهل علي )
رواه أبو داود
فإذا
مشي قال:
( اللهم بك انتشرتُ، وعليك توكلتُ، وبك اعتصمتُ،
وإليك توجهت.
اللهم أنت ثقتي، وأنت رجائي، فاكفني ما أهمني وما لا
أهتم به،
وما
أنت أعلم به مني، اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنبي،
ووجهني للخير حيثما توجهت)
رواه أبو يعلي
اتخاذ المسافرين قائدًا لهم من بينهم:
الجماعة المسافرة تختار واحدًا منهم ليكون قائدًا
لهم.
قال صلى الله عليه وسلم:
( إذا
خرج ثلاثة في سفر فليؤمِّروا أحدهم )
رواه أبوداود والترمذي
الدعاء عند ركوب وسيلة السفر:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركب الجمل،
وخرج في سفر،
كبر
ثلاثًا، ثم قال:
( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى
ربنا لمنقلبون.
اللهم
إنا نسألك في سفرنا هذا البِرَّ والتقوى ومن العمل ما
ترضى.
اللهم
هوِّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنَّا بُعْدَه. اللهم أنت
الصاحب
في
السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وَعْثَاء السفر،
وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل
)
رواه مسلم
مراعاة مشاعر الضعاف من
المسافرين:
وخاصة
إذا كان السفر على الأقدام فيجب مراعاة الضعيف وعدم التقدم
عليه؛ حتى لا يشعر بالعجز.
وقد
قيل: الضعيف أمير الركب.
حسن التعامل مع وسيلة
السفر:
فإذا كان السفر على دابة، فيجب عدم إرهاقها أو ضربها
لتسرع في السير،
فإن ذلك منافٍ للرحمة والرفق بالحيوان، كما أن العجلة
من الشيطان،
التفكر والاعتبار:
المسلم يتفكر فيما يشاهده في سفره، ويتدبر في
خلقالله؛ وذلك مما يزيد الإيمان.
مراعاة عادات أهل البلد:
إذا
وصل المسافر إلى بلد ما، فعليه أن يراعي عادات أهلها
وتقاليدهم؛
فلا
يفعل ما يخالفها، ما دامت لا تخالف الشرع.
استعمال الرخصة أثناء السفر:
شرعت الرخصة للتيسير على الناس، وللمسافر أن يأخذ بها
لما في
السفر
من مشقة، ومنها:
-قصر الصلاة الرباعية: فيصليها ركعتين، عملاً بقول
الله -عز جل-:
{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ
إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
}
النساء: 101
-الجمع بين الظهر والعصر ( تقديمًا أو تأخيرًا ) وكذلك
بين المغرب والعشاء.
-ويباح له الفطر في رمضان ويجب عليه
القضاء.
قال تعالى:
{ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}
البقرة:
184
وقال
صلى الله عليه وسلم:
( ليس من
البر الصيام في السفر )
متفق عليه
-ترك صلاة الجمعة ويصلِّيها ظهرًا، فلا جُمْعَة على
المسافر.
الإسراع في العودة:
قال صلى الله عليه وسلم:
( السفر قطعة من العذاب؛ يمنع أحدكم نومه وطعامه
وشرابه،
فإذا
قضى أحدكم نهمته من وجهة
(أي قضى حاجته من المكان الذي كان فيه)
فليعجِّل إلى أهله)
رواه مسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق