كان
المنصور أيام بني أمية إذا دخل البصرة دخل مستتراً، فكان يجلس في حلقة
أزهر السمان المحدث. فلما أفضت الخلافة إليه، قدم عليه أزهر، فرحب به
وقربه، وقال له ما حاجتك يا أزهر؟ قال: داري متهدمة، وعلي أربعة آلاف درهم،
وأريد أن يبني محمد ابني بعياله، فوصله باثني عشر ألفاً، وقال. قد قضينا
حاجتك يا أزهر، فلا تأتنا طالباً: فأخذها وارتحل. فلما كان بعد سنة أتاه.
فلما رآه أبو جعفر، قال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال جئتك مسلماً. قال: إنه يقع
في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالباً. قال: ما جئت إلا مسلماً. قال: قد
أمرنا لك باثني عشر ألفاً، واذهب فلا تأتنا طالباً ولا مسلماً. فأخذها
ومضى. فلما كان بعد سنة أتاه، فقال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: أتيت عائداً.
قال: إنه يقع في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالباً. قال: ما جئت إلا عائداً
قال أمرنا لك باثني عشر ألفاً فاذهب ولا تأتنا لا طالباً ولا مسلماً ولا
عائداً، فأخذها وانصرف. فلما مضت السنة أقبل، فقال له: ما جاء بك يا أزهر؟
قال: دعاء كنت أسمعك تدعو به يا أمير المؤمنين، جئت لأكتبه. فضحك أبو جعفر
وقال: إنه دعاء غير مستجاب، وذلك أني قد دعوت الله تعالى به أن لا أراك،
فلم يستجب لي، وقد أمرنا لك باثني عشر ألفاً، فاذهب وتعال متى شئت، فقد
أعيتني فيك الحيلة.
و قيل اذا طلبت حاجة إلى ذي سلطان فأجمل في الطلب إليه، وإياك والإلحاح عليه فإن إلحاحك يكلم عرضك، ويريق ماء وجهك، فلا تأخذ منه عوضاً لما يأخذ منك؛ ولعل الإلحاح يجمع عليك إخلاق الوجه، وحرمان النجاح؛ فإنه ربما مل المطلوب إليه حتى يستخف بالطالب.
و قيل اذا طلبت حاجة إلى ذي سلطان فأجمل في الطلب إليه، وإياك والإلحاح عليه فإن إلحاحك يكلم عرضك، ويريق ماء وجهك، فلا تأخذ منه عوضاً لما يأخذ منك؛ ولعل الإلحاح يجمع عليك إخلاق الوجه، وحرمان النجاح؛ فإنه ربما مل المطلوب إليه حتى يستخف بالطالب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق