لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها..
المتنبي
أما الحماقة :
قال ابن الأعرابي : الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت فكأنه
كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب .
وقال أبو بكر المكارم :
إنما سميت البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل.
قال: ابن الأعرابي: وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه
من رعونته .
يفرح الأحمق بالمدح الكاذب :
ومن خصال الأحمق فرحه بالكذب من مدحه وتأثره بتعظيمه
وإن كان غير مستحق لذلك .
يعرف الأحمق بست خصال :
1 - الغضب من غير شيء
2 - والإعطاء في غير حق
3 - والكلام من غير منفعة
4 - والثقة بكل أحد وإفشاء السر
5 - وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه
6 - ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس .
علامات الحمق :
وقال أبو حاتم بن حيان الحافظ : علامة الحمق سرعة الجواب وترك
التثبت والإفراط في الضحك وكثرة الإلتفات والوقيعة في الأخيار والإختلاط
بالأشرار والأحمق إن أعرضت عنه أغتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن حلمت
عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عليك وإن أحسنت إليه أساء إليك
وإن أسأت إليه أحسن إليك وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته
فمن ابتلى بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما
حرمه ذاك .
الهروب من الأحمق :
قال ابن أبي زياد : قال لي أبي : يا بني الزم أهل العقل وجالسهم واجتنب
الحمقى فإني ما جالست أحمق فقمت إلا وجدت النقص في عقلي .
وعن الحسن قال : هجران الأحمق قربة إلى الله عز وجل .
لا تجالس الأحمق : عن شعبة أنه قال : عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع
من هو أقل عقلاً منا ذهب ذلك القليل فإني لأرى الرجل يجلس مع
من هو أقل عقلاً منه فأمقته .
الحمق عند الأعراب :
العرب تضرب للأحمق تارة بمن قد عرف حمقه من الناس وتارة بما
ينسب إلى سوء التدبير من البهائم والطير وتارة بما لا يقع منه فعل ولكن
لو تصور له فعل كان ما ظهر منه حمقاً . حمقى ضرب بهم المثل : فأما
ضربهم المثل بمن قد عرف حمقه فقال أبو هلال العسكري : تقول العرب :
أحمق من هبنقة وستأتي أخباره وأحمق من حذنة قيل هو رجل بعينه وقيل
هو الصغير الأذن الخفيف الرأس القليل الدماغ وكذلك يكون الأحمق .
وقيل : حذنة امرأة كانت تمتخط بكوعها.
حيوانات ضرب المثل بحمقها :
وأما ذكرهم للبهائم فيقولون : أحمق من الضبع وأحمق من أم عامر
وأحمق من نعجة على حوض لأنها إذا وردت الماء أكبت عليه ولا تنثني
وأحمق من ذئبة لأنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع . طيور ضرب المثل
بحمقها : وأما ذكرهم الطير فيقولون : أحمق من حمامة لأنها لا تصلح
عشها وربما سقط بيضها فانكسر وربما باضت على الأوتاد فيقع البيض
وأحمق من نعامة لأنها إذا مرت ببيض غيرها حضنته وتركت بيضها
وأحمق من رخمة وأحمق من عقعق لأنه يضيع بيضه وفراخه وأحمق
من كروان لأنه إذا رأى أناساً سقط على الطريق فيأخذونه .
من أخبار الحمقى :
من أخبار هبنقة الأحمق : فمنهم هبنقة واسمه يزيد بن ثروان ويقال :
ابن مروان أحد بني قيس بن ثعلبة ومن حمقه أنه جعل في عنقه قلادة من
ودع وعظام وخزف وقال : أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لأعرفها به .
فحولت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه فلما أصبح قال : يا أخي أنت
أنا فمن أنا وأضل بعيراً فجعل ينادي من وجده فهو له فقيل له : فلم تنشده
قال : فأين حلاوة الوجدان وفي رواية : من وجده فله عشرة فقيل له :
لم فعلت هذا قال : للوجدان حلاوة في القلب . وكان إذا رعى غنماً جعل
يختار المراعي للسمان وينحي المهازيل ويقول : لا أصلح ما أفسده الله .
عجل بن لجيم الأحمق : ومنهم عجل بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر
بن وائل . من حمقه أنه قيل له : ما سميت فرسك فقام إليه ففقأ إحدى
عينيه وقال : سميته الأعور .
عن محمد بن العلاء الكاتب أنه قال : قال حمزة بن بيض لغلام له : أي
يوم صلينا الجمعة في الرصافة ففكر الغلام ساعة ثم قال : يوم الثلاثاء .
وحكي : أن جحا تبخر يوماً فاحترقت ثيابه فغضب وقال : والله لا تبخرت
إلا عرياناً . وهبت يوماً ريحٌ شديدةٌ فأقبل الناس يدعون الله ويتوبون
فصاح جحا : يا قوم لا تعجلوا بالتوبة وإنما هي زوبعة وتسكن . وذكر أنه
اجتمع على باب دار أبي جحا تراب كثير من هدم وغيره فقال أبوه : الآن
يلزمني الجيران برمي هذا التراب وأحتاج إلى مؤنة وما هو بالذي يصلح
لضرب اللبن فما أدري ما أعمل به فقال له جحا : إذا ذهب عنك هذا
المقدار فليت شعري أي شيء تحسن فقال أبوه : فعلمنا أنت ما تصنع به .
فقال : يحفر له آبار ونكبسه فيها . واشترى يوماً دقيقاً وحمله على حمال
فهرب بالدقيق فلما كان بعد أيام رآه جحا فاستتر منه فقيل له : ما لك فعلت
كذا فقال : أخاف أن يطلب مني كراه . ووجهه أبوه ليشتري رأساً مشوياً
فاشتراه وجلس في الطريق فأكل عينيه وأذنيه ولسانه ودماغه وحمل
باقيه إلى أبيه فقال : ويحك ما هذا
فقال : هو الرأس الذي طلبته .
قال : فأين عيناه قال : كان أعمى .
قال : فأين أذناه قال : كان أصم .
قال : فأين لسانه قال : كان أخرس .
قال : فأين دماغه قال : فكان أقرع
قال : ويحك رده وخذ بدله .
قال : باعه صاحبه بالبراءة من كل عيب .
الحمق من الطبع والغريزة :
عن أبي إسحاق قال : إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق وإذ بلغك أن فقيراً
استغنى فصدق وإذا بلغك أن حياً مات فصدق وإذا بلغك أن أحمق استفاد
عقلاً فلا تصدق . القاضي أبو يوسف يتكلم عن الحماقة : عن أبي يوسف
القاضي قال : ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة إن قيل لك إن رجلاً
كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق وإن قيل لك إن رجلاً فقيراً
خرج إلى بلد فاستفاد مالاً فصدق وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد
فاستفاد عقلاً فلا تصدق . قال جعفر بن محمد : الأدب عند الأحمق كالماء
في أصول الحنظل كلما ازداد رياً زاد مرارة .
من أسماء الحمقى :
الخطل الخرف الملغ الماج المسلوس المأفون المأفوك الأعفك الفقاقة
الهجأة الألق الخوعم الألفت الرطيء الباحر الهجرع المجع الأنوك الهبنك
الأهوج الهبنق الأخرق الداعك الهداك الهبنقع المدله الذهول الجعبس
الأوره الهوف المعضل الفدم الهتور عياياء طباقاء . فإذا كان يتجه لشيء
في أسماء كثيرة وقريب هذه الأسماء على أحمق
وقيل : لو لم يكن من فضيلة الأحمق إلا كثرة أسمائه لكفى .
, وايضاً يقال إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق وإذ بلغك أن فقيراً استغنى
فصدق وإذا بلغك أن حياً مات فصدق وإذا بلغك أن أحمق استفاد
عقلاً فلا تصدق .
وقالت العرب/ لا تأمن الأحمق وبيده السيف
وقالت ايضًا / ربما أراد الأحمق نفعك فضرك
والاحمق يرتكب الحماقة ولا يدري انه ارتكبها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق