الأول
:
من
استعمل تلك الجوارح فيما خلقت له ، و أريد منها
،
فهذا هو الذي تاجر الله
بأربح التجارة ،
و باع نفسه لله بأربح
البيع .
و
الصلاة وُضعت لاستعمال الجوارح جميعها في
العبودية
تبعاً لقيام القلب بها
و
هذا رجلٌ عرَف نعمة الله فيما خُلق له من الجوارح
و
ما أنعم عليه من الآلاء ، و النعم ،
فقام بعبوديته ظاهراً و
باطناً و استعمل جوارحه في طاعة ربِّه
،
و حفظ نفسه و جوارحه
عمَّا يُغضب ربه و يشينه عنده.
و
الثـاني :
من
استعمل جوارحه فيما لم تُخلق له ،
بل حبسها على المخالفات
و المعاصي ، و لم يطلقها ،
فهذا هو الذي خابَ سعيه
، و خسرت تجارته ،
و
فاته رضا ربَّه عزَّ و جل عنه ، و جَزيل ثوابه
،
و حصل على سخطه و أليم
عقابه.
و
الثـالث :
مَن
عطَّل جوارحه ، و أماتها بالبطالة و الجهالة،
فهذا
أيضا خاسر بائر أعظم خسارة من الذي قبله
،
فإن
العبد إنما خُلق للعبادة و الطاعة لا للبطالة .
و
أبغض الخلق إلى الله العبد البطَّال الذي لا في شغل
الدنيا
و لا في سعي
الآخرة.
بل هو كلّ على الدنيا و
الدين ، بل لو سعى للدنيا و لم يسع
للآخرة
كان مذموماً مخذولاً
،
و كيف إذا عطّل الأمرين
، و إنَّ امرء يسعى لدنياه دائما ،
و يذهل عن أُخراه ، لا
شكَّ خاسر .
أسرار
الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم
الجَوزيَّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق