السؤال
إخواني في الله أريد من حضراتكم أن
تنوروا قلبي في سؤال
حيرني عن الحبيب المصطفى محمد رسول الله
عليه وعلى آله
وصحبه الكرام أفضل الصلاة والسلام ،
إخوتي في الله إنني أسمع
من بعض الإخوة الشيوخ في مناسبة الموالد
يقولون : أنه لولا
محمد عليه الصلاة والسلام ما خلقت
السماوات والأرض ،
وإن الله خلقه قبل آدم
عليه السلام بآلاف السنين ،
وإنه
سبحانه وتعالى خلق الشمس
من نور جبينه ، وخلق النجوم
من نور أسنانه ، وكثير
من ذلك لا أذكر ، وإنه مكتوب
على باب الجنة : لا إله إلا الله ، محمد
رسول الله ، ولقد سألت
بعض العلماء عن هذه الأقوال فصدق بها
البعض ونفاها البعض
الآخر ، وتركوني في حيرتي هذه ، وإني في
حيرة ، أصدق ذلك
أم لا ، وإني خائف
كثيرًا وفي حيرة دائمًا ، وإنني أذكر في ليلة
ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم هذا
العام ذهبت إلى دار القرآن
في عمان لإحياء تلك الليلة المباركة ،
وكان الشيخ يتلو علينا
في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن
جملة ما قال : إنه كلما
ذهب لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم
يأتي إلى الشباك الحديدي
الذي وضع حول قبر الرسول عليه السلام
ليتبارك به بحجة أنه
يزيل الغبار ليغافل الحراس ، وإنه ذكر أن
أحد أصدقائه قد أحضر
له بعض التراب من قبر الرسول عليه الصلاة
والسلام ،
وأن رائحة هذا التراب أحلى من رائحة
العطر ،
وحين سمعت هذا الكلام تذكرت حادثة وقعت
معي قبل عشرات
السنين ، حينما ذهبت أنا وبعض الأصدقاء
لزيارة كنيسة القيامة ،
وقد كان الغرض من الزيارة العبث ومضايقة
الأجنبيات من
النصارى - غفر الله لنا جميعا - ونحن في
الكنيسة التقينا
بأحد الرهبان وأحضر لنا بعض العطر وقال
لنا : هذا الماء الذي
تعمد به المسيح - عليه وعلى نبينا السلام
- ولا أعرف ما الذي
ربط بين هاتين المسألتين في ذهني ،
وتعذبت كثيرًا جدًا ، وبعد
ذلك أخذ الشيخ ومن حوله في إحياء الذكر
ووقف الجميع وراحوا
يقفزون ويميلون بحركات شاذة حتى كلام
الله لا يكاد يسمع
من أفواههم ، ولم يرق لي هذا المنظر ،
فخرجت وبدأ الوهم
والشك يساورني : هل عملت الصواب أم الخطأ
؟ ولقد تكرر
هذا الحادث في ليلة
القدر وفي جميع المناسبات الدينية ،
أرشدوني بالله عليكم إني أتعذب كثيرًا
وأريد أن أسأل فضيلتكم
هل يسمح لي أو لأي مسلم أن يشاهد قبر
الرسول عليه السلام
في داخل الشباك ؟ لقد
أسعدني الحظ وزرت قبر الرسول عليه السلام ،
ووقفت عند الشباك ، ولقد تمنيت أن أكون
فراشة لأتمكن من
الاقتراب من قبره عليه السلام ، لا لشيء
، ولكن لأقترب منه
عليه السلام ، أنا أؤمن
بأن القبر من تراب ، وأن الله عز وجل
ورسوله موجود في قلب كل مؤمن ، وأتمنى أن
أذهب كل يوم
وكل ساعة إلى تلك الديار المقدسة لأشاهد
قبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم
والروضة الشريفة والكعبة المشرفة ؛
ولكن يمنعني من ذلك ضيق المال ولا يكلف
الله نفسا إلا وسعها .
الإجابة
أولاً
:
إقامة مولد للرسول صلى الله عليه وسلم بدعة لم
يفعلها
صلى الله عليه وسلم
لنفسه ، ولم يفعلها أحد من خلفائه
،
ولا من صحابته له صلى الله عليه وسلم
ورضي الله عنهم ، وقد صح عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال
:
(
من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
).
ثانيًا : ما ذكره بعض الناس من أن
السماوات والأرض ما خلقت
إلا من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وأن خلقه قبل آدم . . إلخ
كل هذه الأقوال لا صحة لها ، مع العلم
بأنه سيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين
،
ولكن لا يجوز وصفه بشيء
لم يثبت عن الله ولا عن رسوله
صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي
الله عنهم .
ثالثًا
:
إذا زار الشخص الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يأتي إلى القبر ،
ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم
وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما ، ولا يقف بعد ذلك للدعاء
، ولا يمسك الشباك
ليتبرك به ؛ لأن ذلك
بدعة .
رابعًا
:
دعوى أن الشخص أحضر لكم ترابا من تراب قبر الرسول
صلى الله عليه وسلم دعوى كاذبة لا أصل
لها ؛ لأنه لا يستطيع أحد أن
يأخذ من تراب قبره شيئًا مطلقًا ، ولو
قدر أنه فعله أحد لم يشرع التبرك به
؛ لأن ذلك لا أصل له ، ولم يفعله أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهم أعلم الناس به وبسنته ، وأحب له عليه
الصلاة والسلام ممن بعدهم ،
ولنا فيهم أسوة حسنة . ونسأل الله أن
يمنحنا وإياك العلم النافع
والعمل الصالح
.
و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و
صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و
الإفتاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق