الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

التبرك بتراب قبر النبي


السؤال
إخواني في الله أريد من حضراتكم أن تنوروا قلبي في سؤال
حيرني عن الحبيب المصطفى محمد رسول الله عليه وعلى آله
وصحبه الكرام أفضل الصلاة والسلام ، إخوتي في الله إنني أسمع
من بعض الإخوة الشيوخ في مناسبة الموالد يقولون : أنه لولا
محمد عليه الصلاة والسلام ما خلقت السماوات والأرض ،
 وإن الله خلقه قبل آدم عليه السلام بآلاف السنين ، وإنه
 سبحانه وتعالى خلق الشمس من نور جبينه ، وخلق النجوم
 من نور أسنانه ، وكثير من ذلك لا أذكر ، وإنه مكتوب
على باب الجنة : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، ولقد سألت
بعض العلماء عن هذه الأقوال فصدق بها البعض ونفاها البعض
الآخر ، وتركوني في حيرتي هذه ، وإني في حيرة ، أصدق ذلك
 أم لا ، وإني خائف كثيرًا وفي حيرة دائمًا ، وإنني أذكر في ليلة
ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العام ذهبت إلى دار القرآن
في عمان لإحياء تلك الليلة المباركة ، وكان الشيخ يتلو علينا
في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن جملة ما قال : إنه كلما
ذهب لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى الشباك الحديدي
الذي وضع حول قبر الرسول عليه السلام ليتبارك به بحجة أنه
يزيل الغبار ليغافل الحراس ، وإنه ذكر أن أحد أصدقائه قد أحضر
له بعض التراب من قبر الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وأن رائحة هذا التراب أحلى من رائحة العطر ،

وحين سمعت هذا الكلام تذكرت حادثة وقعت معي قبل عشرات
السنين ، حينما ذهبت أنا وبعض الأصدقاء لزيارة كنيسة القيامة ،
وقد كان الغرض من الزيارة العبث ومضايقة الأجنبيات من
النصارى - غفر الله لنا جميعا - ونحن في الكنيسة التقينا
بأحد الرهبان وأحضر لنا بعض العطر وقال لنا : هذا الماء الذي
تعمد به المسيح - عليه وعلى نبينا السلام - ولا أعرف ما الذي
ربط بين هاتين المسألتين في ذهني ، وتعذبت كثيرًا جدًا ، وبعد
ذلك أخذ الشيخ ومن حوله في إحياء الذكر ووقف الجميع وراحوا
يقفزون ويميلون بحركات شاذة حتى كلام الله لا يكاد يسمع
من أفواههم ، ولم يرق لي هذا المنظر ، فخرجت وبدأ الوهم
والشك يساورني : هل عملت الصواب أم الخطأ ؟ ولقد تكرر
 هذا الحادث في ليلة القدر وفي جميع المناسبات الدينية ،
أرشدوني بالله عليكم إني أتعذب كثيرًا وأريد أن أسأل فضيلتكم
هل يسمح لي أو لأي مسلم أن يشاهد قبر الرسول عليه السلام
 في داخل الشباك ؟ لقد أسعدني الحظ وزرت قبر الرسول عليه السلام ،
ووقفت عند الشباك ، ولقد تمنيت أن أكون فراشة لأتمكن من
الاقتراب من قبره عليه السلام ، لا لشيء ، ولكن لأقترب منه
 عليه السلام ، أنا أؤمن بأن القبر من تراب ، وأن الله عز وجل
ورسوله موجود في قلب كل مؤمن ، وأتمنى أن أذهب كل يوم
وكل ساعة إلى تلك الديار المقدسة لأشاهد قبر رسول الله
 صلى الله عليه وسلم والروضة الشريفة والكعبة المشرفة ؛
ولكن يمنعني من ذلك ضيق المال ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

الإجابة
أولاً : إقامة مولد للرسول صلى الله عليه وسلم بدعة لم يفعلها
 صلى الله عليه وسلم لنفسه ، ولم يفعلها أحد من خلفائه ،
ولا من صحابته له صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، وقد صح عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(  من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد  ).

ثانيًا : ما ذكره بعض الناس من أن السماوات والأرض ما خلقت
إلا من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن خلقه قبل آدم . . إلخ
كل هذه الأقوال لا صحة لها ، مع العلم بأنه سيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين ،
 ولكن لا يجوز وصفه بشيء لم يثبت عن الله ولا عن رسوله
صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم .

ثالثًا : إذا زار الشخص الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يأتي إلى القبر ،
ويسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما ، ولا يقف بعد ذلك للدعاء ، ولا يمسك الشباك
 ليتبرك به ؛ لأن ذلك بدعة .

رابعًا : دعوى أن الشخص أحضر لكم ترابا من تراب قبر الرسول
صلى الله عليه وسلم دعوى كاذبة لا أصل لها ؛ لأنه لا يستطيع أحد أن
يأخذ من تراب قبره شيئًا مطلقًا ، ولو قدر أنه فعله أحد لم يشرع التبرك به
؛ لأن ذلك لا أصل له ، ولم يفعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهم أعلم الناس به وبسنته ، وأحب له عليه الصلاة والسلام ممن بعدهم ،
ولنا فيهم أسوة حسنة . ونسأل الله أن يمنحنا وإياك العلم النافع
 والعمل الصالح .

 و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق