الدكتور حسان شمسي باشا
يهل علينا شهر رمضان ومع إطلالته تزدحم الصحف والمجلات
والمساجد والإذاعات بالأسئلة والأجوبة حول المفطرات من
وسائل التداوي والعلاج .
وقد أجمعت الأمة على أنه يجب على الصائم الإمساك عن الطعام
والشراب ، ولكن اختلف الفقهاء في وسائل التداوي المختلفة ،
وتباينت الآراء وكثر النقاش حول هذا الموضوع .
ولهذا فقد عقدت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالتعاون مع
منظمة الحسن الثاني للبحوث الطبية عن رمضان
ندوة في الدار البيضاء في شهر يونيو 1997(صفر 1418 )
لبحث موضوع المفطرات . كما أخذ مجمع الفقه الإسلامي في جدة -
جزى الله المسؤولين عنه خير الجزاء - على عاتقه بحث موضوع المفطرات
ومناقشته بعمق ودراية ، فعقد اجتماعا في جدة في
الفترة ما بين 28 يونيو - 3 يوليو
1997 ( 23 - 28 صفر 1418 ) وخرج منه بتوصيات محددة .
والصوم الشرعي هو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب
والمعاشرة الجنسية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس
لقوله تعالى :
{ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ }
البقرة 187 .
وفي الحديث الصحيح عن الصائم
( يضع طعامه وشهوته من أجلي )
متفق عليه .
ومن إجماع الأمة أن تناول الطعام والشراب ينافي الصوم ويفسده .
وقد اختلف الفقهاء في تحديد الجوف المقصود بأحكام الصيام .
والحقيقة أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة أي
نص على الجوف في موضوع الصيام .
ولكن وقع المتقدمون من الفقهاء - جزاهم الله عنا خير جزاء – في
بعض الالتباسات عندما فسروا الجوف بأنه كل ما يسمى جوفا
وإن لم يكن مكان الطعام والشراب . فاعتبروا الدماغ جوفا وما هو
مكان طعام ولا شراب ، وأن من كان برأسه مأمومة
( إصابة بالدماغ ) ووصل الدواء إلى خريطة الدماغ أفطر .
واعتبروا الإحليل والمهبل جوفا وما هي بموضع الطعام والشراب .
والفقهاء في ذلك معذورون ، فلم تكن هناك دراية كافية
بتشريح جسم الإنسان في ذلك الحين .
طرق استعمال الأدوية :
قطرات العين :
ذهب الأحناف والشافعية إلى أن قطرة العين لا تفطر ، حتى ولو
وجد طعمها في حلق الصائم . وذهب المالكية والحنابلة إلى أن
المكتحل نهارا إذا وجد طعم الكحل في حلقه فسد صومه .
ومن الوجهة التشريحية تنفتح القناة الدمعية التي تخرج من جوف
العين على العين عبر فتحة فيه . وبالتالي فإن وضع قطرة في العين
تصل إلى الأنف ومنه إلى البلعوم .
والحقيقة أن جوف العين لا يتسع لأكثر من قطرة واحدة فقط .
ولهذا يصف أطباء العين عادة وضع قطرة واحدة أو قطرتين في
العين كل 6 ساعات مثلا . والكمية التي تصل إلى البلعوم ،
إن وصلت ، كمية ضئيلة جدا . وهي بلا شك أقل بكثير مما يتبقى
في الفم بعد المضمضة أو مما يدخل في الأنف أثناء الاستنشاق .
وقد أقر الفقهاء المضمضة أثناء الصيام ولو كانت للتبرد .
ولا بأس بالاستنشاق مالم يبالغ . وينبغي أن نشير إلى أن المسواك يحتوي
على ثمان مواد كيميائية تقي الأسنان واللثة مما قد يصيبها
من أمراض . وهذه المواد تنحل باللعاب وبالتالي تدخل البلعوم .
ولم يحرم المسواك في رمضان أحد من الفقهاء ، فقد جاء في
صحيح البخاري عن عمر بن ربيعة رضي الله عنه
( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا
أحصي ولا أعد )
قطرات الأنف :
والحقيقة أن قطرات الأنف ليست من باب الطعام والشراب ولا يقصد
منها التغذية ولا التقوية ، وإنما هي للعلاج الموضعي للأنف ،
وينطبق عليها ما ينطبق على قطرة العين . وعلى الإنسان أن
يحتاط من وصول شيء منها إلى حلقه
قطرات الأذن :
وهي مباحة في النهار للصائم في مذاهب الفقهاء جميعا ما دامت
طبلة الأذن سليمة . ولا يمكن لأي سائل أو قطرة توضع في الأذن
الخارجية الوصول إلى البلعوم مالم يكن غشاء الطبل مثقوبا .
وحتى في تلك الحالة فإن كمية قطرة الأذن التي تصل إلى البلعوم –
إن وصلت - كمية ضئيلة جدا .
بخاخ الربو :
وفيه تستنشق مواد تحتوي على أدوية خاصة تستعمل في توسيع
القصبات الهوائية . ورغم أن جزءا ضئيلا جدا من المادة المستنشقة
قد تذهب إلى المريء أو المعدة إلا أن بعض الفقهاء المعاصرين أباحه .
ولكن مجمع الفقه الإسلامي لم يصل فيه إلى قرار .
الحقن العضلية والجلدية :
يتفق الفقهاء على أن الحقن العضلية أو تلك التي تعطى تحت
الجلد لا تفسد الصيام سواء كانت للعلاج أو للتطعيم ( اللقاحات ) .
الحقن الوريدية :
أكثر علماء العصر يفرقون بين حقن الوريد التي تؤخذ للتداوي
فيبيحونها ، وبين تلك التي تؤخذ للتغذية ( مثل محاليل الجلوكوز
وما شابهه ) فيعتبرونها مفطرة للصائم لأنها يمكن أن تغني
عن الطعام والشراب .
الأدهان والمراهم الجلدية :
لا شك أن الأدهان والمراهم واللصقات الجلدية كلها تمتص عن
طريق الجلد ، ولكن ذلك لا علاقة له بالجهاز الهضمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق