أريد الزواج الحلال (3)
قال شيخ الإسلام:
وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم، كما أن جنس
قريش خير من غيرهم، وجنس بنى هاشم خير من غيرهم،
وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية،
خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا ، لكن تفضيل الجملة على الجملة
لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب
خلق كثير خير من أكثر العرب، وفى غير قريش من المهاجرين والأنصار
من هو خير من أكثر قريش، وفى غير بنى هاشم من قريش وغير قريش
من هو خير من أكثر بنى هاشم؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إن خير القرون القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين
يلونهم )،
وفى القرون المتأخرة من هو خير من كثير من القرن الثاني والثالث،
ومع هذا فلم يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - القرن الثاني والثالث
بحكم شرعي، كذلك لم يخص العرب بحكم شرعي، بل ولا خص بعض
أصحابه بحكم دون سائر أمته، ولكن الصحابة لما كان لهم من الفضل،
أخبر بفضلهم، وكذلك السابقون الأولون لم يخصهم بحكم، ولكن أخبر
بما لهم من الفضل؛ لما اختصوا به من العمل، وذلك لا يتعلق بالنسب .
وقال - في "منهاج السنة النبوية" -: "فَفِي الْجُمْلَةِ جَمِيعُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ
مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنَّهُ طَلَبَ تَوْلِيَةَ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَذْكُرْ حُجَّةً
دِينِيَّةً شَرْعِيَّةً، وَلَا ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ أَحَقُّ وَأَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ،
وَإِنَّمَا نَشَأَ كَلَامُهُ عَنْ حُبٍّ لِقَوْمِهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَإِرَادَةٍ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ الْإِمَامَةُ فِي قَبِيلَتِهِ.
ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية، ولا الطرق الدينية، ولا هو
مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة جاهلية،
ونوع عصبية للأنساب والقبائل، وهذا مما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم –
بهجره وإبطاله، وفي الصحيح عنه، أنه قال:
( أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن
في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستقاء بالنجوم )،
وفي المسند عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم –
أنه قال:
( من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية، فَأَعِضُّوهُ بهن أمه وَلا تُكَنُّوا... )،
وأما كون الخلافة في قريش، فلما كان هذا من شرعه ودينه،
كانت النصوص بذلك معروفة منقولة مأثورة يذكرها الصحابة .
قد بيَّن الشرع المِعيارَ الصَّحيحَ في اختِيار الزَّوْجِ؛ أَلا وهُو الدِّين والخُلق،
كما روى التِّرمذي عن أبي حاتمٍ المُزَنيِّ - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إذا جاءَكُم مَن تَرضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأنْكِحوه، إلاَّ تفعلوهُ تَكُنْ فِتنةٌ
في الأرْضِ وفساد كبير )،
قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال:
( إذا جاءكم مَنْ تَرْضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأنْكِحوه )
- ثلاثَ مرَّات.
وقولهم في الحديث:
وإن كان فيه؛ معناهُ: وإن كان قليلَ المالِ أو ناقِصَ الكفاءةِ، وفيهِ دليلٌ
على عدَمِ اعتِبار الكفاءةِ في النَّسب، وأن الرَّجُل المُسلم المرضِيّ دينُه وخلُقُه،
يتزوَّج بأيِّ امرأةٍ مُسلمة بغضِّ النَّظر عن نسبِها، ولا تُمنع الفتاةُ المسلمة
من الزَّواج من غير أهل بلدها، إذا توافر الدين والخلق المرضيَّينِ.
قال الحافظُ ابْنُ حجر - في فتح الباري -:
ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث .
وقال ابن تيمية - في مَجموع الفتاوى -:
وليسَ عنِ النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم –
( نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في هذه الأمور )؛
أي: في أنَّ الكفاءة النَّسَبية مُعتبرة.
وقال ابن القيِّم - في كتابه زاد المعاد -:
فالذي يقتضيه حكْمُه - صلى الله عليه وسلَّم - اعتبار الدين في الكفاءة
أَصلًا وكمالًا؛ فلا تُزَوَّج مُسلمةٌ بِكافر، ولا عفيفةٌ بِفاجر، ولا يَعتبر القرآنُ
والسُّنَّة في الكفاءة أمرًا وراءَ ذلِك؛ فإنَّه حرَّم على المسلمة نكاح الزَّاني الخبيث،
وَلَم يعتَبِرْ نسبًا ولا صناعةً ولا غنًى ولا حرّيَّة؛ فجوَّز للعَبْدِ القِنّ نِكاح
الحرَّة النَّسيبة الغنيَّة إذا كان عفيفًا مُسلمًا، وجوَّز لغَيْرِ القُرشيِّين نِكاح القُرشيَّات،
ولغَيْرِ الهاشميِّين نِكاحَ الهاشميَّات، وللفُقَراءِ نِكاح الموسرات".
ونذكِّر هذا الأخ الكريم بأنّه موقوفٌ مسؤولٌ بين يدي العليم الحكيم
عمَّا يَصنَعُ بذرِّيَّته؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -:
( إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استَرْعاهُ أحَفِظَ ذلك أم ضيَّع، حتَّى يسألَ
الرَّجل على أهل بيتِه )،
فليَعْددْ لِلمسألة جوابًا؛ فإنَّ الحِسابَ عسيرٌ والجناية على النِّساء
وخيمةُ العواقب، فلْيتداركِ الأمْرَ قبْل أن تصطَلِمه المنيَّة ولاتَ حين مناص،
وينبغي للعاقِل ألا يقدِّم أعرافًا باطلة، وعصبيَّات جاهليَّة مقيتة
- هِي من بقايا الجاهليَّة التي بُعِثَ النَّبيُّ بِوضْعِها تَحت النِّعال؛
كما صحَّ عنْهُ أنَّه قال - في خطبة يومِ عرفة -:
( ألا كلُّ شيءٍ من أمْرِ الجاهليَّة تَحتَ قدمي موضوع )،
فليضَعْها حيثُ وضَعها الَّذي لا يَنطِقُ عنِ الهَوى، ولا يقدِّمْها على
الكتاب والسُّنَّة القاضيينِ باعتِبار الكفاءة في الدين وحسْب.
فإذا استمرَّ رفْضُ أخيك بعد أن تطلعيه على جوابنا، فلَك أن تَلْجَئِي إلى
المَحاكِم الشرعيَّة، فتُجْبِر الوليَّ على تزويجِك، أو تقوم المحكمة بتزويجك.
قال شيخ الإسلام:
وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم، كما أن جنس
قريش خير من غيرهم، وجنس بنى هاشم خير من غيرهم،
وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية،
خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا ، لكن تفضيل الجملة على الجملة
لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب
خلق كثير خير من أكثر العرب، وفى غير قريش من المهاجرين والأنصار
من هو خير من أكثر قريش، وفى غير بنى هاشم من قريش وغير قريش
من هو خير من أكثر بنى هاشم؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إن خير القرون القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين
يلونهم )،
وفى القرون المتأخرة من هو خير من كثير من القرن الثاني والثالث،
ومع هذا فلم يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - القرن الثاني والثالث
بحكم شرعي، كذلك لم يخص العرب بحكم شرعي، بل ولا خص بعض
أصحابه بحكم دون سائر أمته، ولكن الصحابة لما كان لهم من الفضل،
أخبر بفضلهم، وكذلك السابقون الأولون لم يخصهم بحكم، ولكن أخبر
بما لهم من الفضل؛ لما اختصوا به من العمل، وذلك لا يتعلق بالنسب .
وقال - في "منهاج السنة النبوية" -: "فَفِي الْجُمْلَةِ جَمِيعُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ
مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنَّهُ طَلَبَ تَوْلِيَةَ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَذْكُرْ حُجَّةً
دِينِيَّةً شَرْعِيَّةً، وَلَا ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ أَحَقُّ وَأَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ،
وَإِنَّمَا نَشَأَ كَلَامُهُ عَنْ حُبٍّ لِقَوْمِهِ وَقَبِيلَتِهِ، وَإِرَادَةٍ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ الْإِمَامَةُ فِي قَبِيلَتِهِ.
ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية، ولا الطرق الدينية، ولا هو
مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة جاهلية،
ونوع عصبية للأنساب والقبائل، وهذا مما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم –
بهجره وإبطاله، وفي الصحيح عنه، أنه قال:
( أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن
في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستقاء بالنجوم )،
وفي المسند عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم –
أنه قال:
( من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية، فَأَعِضُّوهُ بهن أمه وَلا تُكَنُّوا... )،
وأما كون الخلافة في قريش، فلما كان هذا من شرعه ودينه،
كانت النصوص بذلك معروفة منقولة مأثورة يذكرها الصحابة .
قد بيَّن الشرع المِعيارَ الصَّحيحَ في اختِيار الزَّوْجِ؛ أَلا وهُو الدِّين والخُلق،
كما روى التِّرمذي عن أبي حاتمٍ المُزَنيِّ - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إذا جاءَكُم مَن تَرضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأنْكِحوه، إلاَّ تفعلوهُ تَكُنْ فِتنةٌ
في الأرْضِ وفساد كبير )،
قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال:
( إذا جاءكم مَنْ تَرْضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأنْكِحوه )
- ثلاثَ مرَّات.
وقولهم في الحديث:
وإن كان فيه؛ معناهُ: وإن كان قليلَ المالِ أو ناقِصَ الكفاءةِ، وفيهِ دليلٌ
على عدَمِ اعتِبار الكفاءةِ في النَّسب، وأن الرَّجُل المُسلم المرضِيّ دينُه وخلُقُه،
يتزوَّج بأيِّ امرأةٍ مُسلمة بغضِّ النَّظر عن نسبِها، ولا تُمنع الفتاةُ المسلمة
من الزَّواج من غير أهل بلدها، إذا توافر الدين والخلق المرضيَّينِ.
قال الحافظُ ابْنُ حجر - في فتح الباري -:
ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث .
وقال ابن تيمية - في مَجموع الفتاوى -:
وليسَ عنِ النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم –
( نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في هذه الأمور )؛
أي: في أنَّ الكفاءة النَّسَبية مُعتبرة.
وقال ابن القيِّم - في كتابه زاد المعاد -:
فالذي يقتضيه حكْمُه - صلى الله عليه وسلَّم - اعتبار الدين في الكفاءة
أَصلًا وكمالًا؛ فلا تُزَوَّج مُسلمةٌ بِكافر، ولا عفيفةٌ بِفاجر، ولا يَعتبر القرآنُ
والسُّنَّة في الكفاءة أمرًا وراءَ ذلِك؛ فإنَّه حرَّم على المسلمة نكاح الزَّاني الخبيث،
وَلَم يعتَبِرْ نسبًا ولا صناعةً ولا غنًى ولا حرّيَّة؛ فجوَّز للعَبْدِ القِنّ نِكاح
الحرَّة النَّسيبة الغنيَّة إذا كان عفيفًا مُسلمًا، وجوَّز لغَيْرِ القُرشيِّين نِكاح القُرشيَّات،
ولغَيْرِ الهاشميِّين نِكاحَ الهاشميَّات، وللفُقَراءِ نِكاح الموسرات".
ونذكِّر هذا الأخ الكريم بأنّه موقوفٌ مسؤولٌ بين يدي العليم الحكيم
عمَّا يَصنَعُ بذرِّيَّته؛ كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -:
( إنَّ الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استَرْعاهُ أحَفِظَ ذلك أم ضيَّع، حتَّى يسألَ
الرَّجل على أهل بيتِه )،
فليَعْددْ لِلمسألة جوابًا؛ فإنَّ الحِسابَ عسيرٌ والجناية على النِّساء
وخيمةُ العواقب، فلْيتداركِ الأمْرَ قبْل أن تصطَلِمه المنيَّة ولاتَ حين مناص،
وينبغي للعاقِل ألا يقدِّم أعرافًا باطلة، وعصبيَّات جاهليَّة مقيتة
- هِي من بقايا الجاهليَّة التي بُعِثَ النَّبيُّ بِوضْعِها تَحت النِّعال؛
كما صحَّ عنْهُ أنَّه قال - في خطبة يومِ عرفة -:
( ألا كلُّ شيءٍ من أمْرِ الجاهليَّة تَحتَ قدمي موضوع )،
فليضَعْها حيثُ وضَعها الَّذي لا يَنطِقُ عنِ الهَوى، ولا يقدِّمْها على
الكتاب والسُّنَّة القاضيينِ باعتِبار الكفاءة في الدين وحسْب.
فإذا استمرَّ رفْضُ أخيك بعد أن تطلعيه على جوابنا، فلَك أن تَلْجَئِي إلى
المَحاكِم الشرعيَّة، فتُجْبِر الوليَّ على تزويجِك، أو تقوم المحكمة بتزويجك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق