إنما ابتلانى ليرى صبرى
قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد ,
وكان من أحسن الناس وجها , فدخل يوما على الوليد فى ثياب وشئ ,
وله غديرتان وهو يضرب بيده ,
فقال الوليد: هكذا تكون فتيان قريش. فعانه - حسده –
فخرج من عنده متوسنا , فوقع فى إسطبل الدواب ,
فلم تزل الدواب تطؤه بأرجلها حتى مات , ثم إن الأكلة وقعت فى
رجل عروة , فبعث إليه الوليد الأطباء ,
فقالوا: إن لم تقطعها , سرت إلى باقى الجسد فتهلك.
فعزم على قطعها , فنشرها بالمنشار ,
فلما صار المنشار إلى القصبة وضع رأسه على الوسادة ساعة ,
فغشى عليه , ثم أفاق والعرق يتحدر على وجهه وهو يهلل ويكبر,
فأخذها وجعل يقبلها فى يده , ثم قال: أما الذى حملنى عليك ,
إنه ليعلم أنى ما مشيت بك إلا حرام , ولا إلى معصية , ولا إلى
ما لا يرضى الله.
ثم أمر بها فغسلت وطيبت وكفتت من قطيفة ,
ثم بعث بها إلى مقابر المسلمين , فلما قدم من عند الوليد المدينة ,
تلقاه أهل بيته وأصدقاؤه يعزونه ,
فجعل يقول
{ لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا } الكهف(62)
ولم يزد عليه. قال ابن القيم: ولما أردوا قطع رجله ,
قالوا له: لو سقيناك شيئا كى لا تشعر بالوجع.
فقال: إنما ابتلانى ليرى صبرى ,
أفأعارض أمره؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق