شرح الدعاء (107)
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
هذه الدعوة المباركة من دعاء أبوينا عليهما السلام، فهي الدعوات
العظيمة المهمة لما حوته من عظيم المقاصد، والمدلولات الجليلة في
كيفية التوبة والأوبة، من الذنوب والمعاصي، فذكرها ربنا ؛لتكون لنا
نبراساً وهدياً مستقيماً، نستهلّ به دعاءنا في حياتنا الدنيا.
المفردات: (الربّ): هو المربّي، والمدبّر، والمُصلح، والسيّد،
والمالك، والمنعم.
الظلم: ((وضع الشيء في غير محلّه المختصّ به، إمّا بنقصان أو زيادة،
أو بعدول عن وقته، أو مكانه، والظلم يقال في مجاوزة الحدّ، ويستعمل في
الذنب الكبير، وفي الذنب الصغير))، ويطلق الظلم على الشرك؛
لأنه أعظم الظلم، وأقبحه، قال تعالى مبيِّناً لوصايا لقمان لابنه:
{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
المغفرة: هي ستر الذنب، والتجاوز عنه، مأخوذة من (المغفر): الذي
يستر به المقاتل رأسه، ويتقي به السهام وغيرها، فالمغفر جامع للستر
والوقاية.
الشرح: ((هذا الخبر الذي أخبر اللَّه عن أبينا آدم من قيله الذي لقَّاه اللَّه
تعالى إياه، فقال تائباً إليه من خطيئته تعريف منه جلّ وعلا ذكره جميع
المخاطبين بكتابة كيفية التوبة إليه من الذنوب... وأن خلاصهم مما هم
عليه مقيمون من الضلالة، نظير خلاص أبيهم آدم من خطيئته، فقالا
لربهما: يا ربنا فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك، وخلاف أمرك،
وبطاعتنا عدوك فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه به بعقوبتك إيَّانا عليه،
(وَتَرْحَمْنَا): بتعطّفك علينا، وتركك أخذنا به :
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: لنكوننّ من الهالكين، استدلّ بالآية أن الصغائر
يعاقب عليها مع اجتناب الكبائر إن لم تغفر، فغفر اللَّه لهما ذلك:
{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}، وهذه سنّة
اللَّه تعالى التي لا تتغير في الصادقين المسرعين في توبتهم إليه بالعفو،
والتجاوز، والصفح، وإن كان الذنب عظيماً.
قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((وهذا اعتراف، ورجوع، وإنابة، وتذلل،
وخضوع، واستكانة، وافتقار إليه تعالى، وهذا السرّ ما سرى في أحد
من ذرّيته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه)).
((فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم، والإقلاع، إذا صدرت
منه الذنوب، اجتباه ربّه وهداه، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب
، لا يزال يزداد من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من اللَّه تعالى
إلاّ بُعداً)).
وفي تقديم طلب المغفرة على الرحمة دلالة دقيقة على أن الرحمة لا تنال
إلا بالمغفرة، وهذا التعبير ظاهر في أغلب سياقات الدعاء
في القرآن
الفوائد المستنبطة من الدعاء:
1- إن تقديم الاعتراف بالخطأ، وظلم النفس قبل طلب المغفرة
هو أرجى في قبول المغفرة والإجابة.
2- أهميّة التوسّل بربوبية اللَّه تعالى حال الدعاء، كما في تصدير دعائهم
بـ(ربّنا) الذي يدلّ على التربية، والعناية، والإصلاح،
ومن ذلك إجابة دعائهم.
3- جمع هذا الدعاء المبارك ((أربعة أنواع من التوسّل:
الأول: التوسّل بالربوبية (ربنا).
الثاني: التوسّل بحال العبد: (ظلمنا أنفسنا).
الثالث: تفويض الأمر إلى اللَّه جلّ وعلا: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا}.
الرابع: ذكر حال العبد إذا لم تحصل له مغفرة اللَّه ورحمته:
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ})).
4- ((منّة اللَّه تعالى على آدم بقبول التوبة، فيكون في ذلك منّتان:
الأولى: التوفيق للتوبة، والثانية: قبول التوبة))، وهذه منه عامّة لكل
من يتوب إلى اللَّه تعالى، فينبغي للعبد أن يشكر ربه إن وفّقه للتوبة.
5- تضمّنت هذه الدعوة أخلص شروط التوبة النّصوح، وهي: ترك الذنب،
والندم عليه، والعزيمة مستقبلاً على عدم العودة إليه.
6- هذه الدعوة من أفضل الصيغ في طلب المغفرة؛ لأن ربّنا علّمها
أبا البشر، وجُعِلت قرآناً يُتلى إلى قيام الساعة.
7- من كمال الدعاء أن يجمع الداعي حال دعائه بين الرغبة والرهبة
والتوبة: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
8- من حُسن الدعاء وأدبه أن يكون بصيغة التعريض المتضمّنة للطلب.
9- إنّ مطلب المغفرة، والرحمة من أهمّ المطالب.
10- يُستحبّ للدّاعي أن يذكر سبب الدعوة التي يدعو بها:
{وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
11- فيها بيان أن الذنب ينبغي أن يُستعظم، وإن كان صغيراً؛
فإنه في حقّ العظيم عظيم.
12- إنّ الدعاء ملجأ جميع الأنبياء والمرسلين
، وأنه لاغنى لأحد عنه من الخلق أجمعين.
{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
هذه الدعوة المباركة من دعاء أبوينا عليهما السلام، فهي الدعوات
العظيمة المهمة لما حوته من عظيم المقاصد، والمدلولات الجليلة في
كيفية التوبة والأوبة، من الذنوب والمعاصي، فذكرها ربنا ؛لتكون لنا
نبراساً وهدياً مستقيماً، نستهلّ به دعاءنا في حياتنا الدنيا.
المفردات: (الربّ): هو المربّي، والمدبّر، والمُصلح، والسيّد،
والمالك، والمنعم.
الظلم: ((وضع الشيء في غير محلّه المختصّ به، إمّا بنقصان أو زيادة،
أو بعدول عن وقته، أو مكانه، والظلم يقال في مجاوزة الحدّ، ويستعمل في
الذنب الكبير، وفي الذنب الصغير))، ويطلق الظلم على الشرك؛
لأنه أعظم الظلم، وأقبحه، قال تعالى مبيِّناً لوصايا لقمان لابنه:
{يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
المغفرة: هي ستر الذنب، والتجاوز عنه، مأخوذة من (المغفر): الذي
يستر به المقاتل رأسه، ويتقي به السهام وغيرها، فالمغفر جامع للستر
والوقاية.
الشرح: ((هذا الخبر الذي أخبر اللَّه عن أبينا آدم من قيله الذي لقَّاه اللَّه
تعالى إياه، فقال تائباً إليه من خطيئته تعريف منه جلّ وعلا ذكره جميع
المخاطبين بكتابة كيفية التوبة إليه من الذنوب... وأن خلاصهم مما هم
عليه مقيمون من الضلالة، نظير خلاص أبيهم آدم من خطيئته، فقالا
لربهما: يا ربنا فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك، وخلاف أمرك،
وبطاعتنا عدوك فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه به بعقوبتك إيَّانا عليه،
(وَتَرْحَمْنَا): بتعطّفك علينا، وتركك أخذنا به :
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: لنكوننّ من الهالكين، استدلّ بالآية أن الصغائر
يعاقب عليها مع اجتناب الكبائر إن لم تغفر، فغفر اللَّه لهما ذلك:
{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}، وهذه سنّة
اللَّه تعالى التي لا تتغير في الصادقين المسرعين في توبتهم إليه بالعفو،
والتجاوز، والصفح، وإن كان الذنب عظيماً.
قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((وهذا اعتراف، ورجوع، وإنابة، وتذلل،
وخضوع، واستكانة، وافتقار إليه تعالى، وهذا السرّ ما سرى في أحد
من ذرّيته إلا كانت عاقبته إلى خير في دنياه وأخراه)).
((فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم، والإقلاع، إذا صدرت
منه الذنوب، اجتباه ربّه وهداه، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب
، لا يزال يزداد من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من اللَّه تعالى
إلاّ بُعداً)).
وفي تقديم طلب المغفرة على الرحمة دلالة دقيقة على أن الرحمة لا تنال
إلا بالمغفرة، وهذا التعبير ظاهر في أغلب سياقات الدعاء
في القرآن
الفوائد المستنبطة من الدعاء:
1- إن تقديم الاعتراف بالخطأ، وظلم النفس قبل طلب المغفرة
هو أرجى في قبول المغفرة والإجابة.
2- أهميّة التوسّل بربوبية اللَّه تعالى حال الدعاء، كما في تصدير دعائهم
بـ(ربّنا) الذي يدلّ على التربية، والعناية، والإصلاح،
ومن ذلك إجابة دعائهم.
3- جمع هذا الدعاء المبارك ((أربعة أنواع من التوسّل:
الأول: التوسّل بالربوبية (ربنا).
الثاني: التوسّل بحال العبد: (ظلمنا أنفسنا).
الثالث: تفويض الأمر إلى اللَّه جلّ وعلا: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا}.
الرابع: ذكر حال العبد إذا لم تحصل له مغفرة اللَّه ورحمته:
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ})).
4- ((منّة اللَّه تعالى على آدم بقبول التوبة، فيكون في ذلك منّتان:
الأولى: التوفيق للتوبة، والثانية: قبول التوبة))، وهذه منه عامّة لكل
من يتوب إلى اللَّه تعالى، فينبغي للعبد أن يشكر ربه إن وفّقه للتوبة.
5- تضمّنت هذه الدعوة أخلص شروط التوبة النّصوح، وهي: ترك الذنب،
والندم عليه، والعزيمة مستقبلاً على عدم العودة إليه.
6- هذه الدعوة من أفضل الصيغ في طلب المغفرة؛ لأن ربّنا علّمها
أبا البشر، وجُعِلت قرآناً يُتلى إلى قيام الساعة.
7- من كمال الدعاء أن يجمع الداعي حال دعائه بين الرغبة والرهبة
والتوبة: {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
8- من حُسن الدعاء وأدبه أن يكون بصيغة التعريض المتضمّنة للطلب.
9- إنّ مطلب المغفرة، والرحمة من أهمّ المطالب.
10- يُستحبّ للدّاعي أن يذكر سبب الدعوة التي يدعو بها:
{وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
11- فيها بيان أن الذنب ينبغي أن يُستعظم، وإن كان صغيراً؛
فإنه في حقّ العظيم عظيم.
12- إنّ الدعاء ملجأ جميع الأنبياء والمرسلين
، وأنه لاغنى لأحد عنه من الخلق أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق