روائع الإعجاز النفسي (44)
أهمية السلوك الإيجابي
في مقالة نشرها موقع بي بي سي وجد الباحثون بجامعة تكساس أن
السلوك الإيجابي يؤجل مراحل الشيخوخة. وأضاف الباحثون أن الأشخاص
الذين ينظرون إلى الحياة بنظرة يملؤها الأمل تقل عندهم ظهور علامات
الهرَم مقارنة بالمتشائمين. وقال الباحثون إن نتائج الدراسة التي نشرت في
مجلة "سيكولوجي أند إدجينج"، تشير إلى أن العوامل النفسية بالإضافة
إلى الجينات والصحة البدنية، تلعب مجتمعة دوراً في تحديد مدى سرعة
بلوغ سنّ الشيخوخة.
وأجرى فريق البحث بجامعة تكساس تجارب على 1558 من كبار السن
لبحث ما إذا كانت هناك علاقة بين الأحاسيس الإيجابية وبداية مرحلة
الوهن. وفي بداية الدراسة قبل سبع سنوات كان جميع المتطوعين
للمشاركة في الدراسة في صحة جيدة.
وقام الباحثون بقياس تطور أعراض الشيخوخة عند المشاركين من خلال
قياس فقدانهم للوزن والجهد وسرعة السير وقوة قبضتهم. وتوصل
الباحثون إلى أن المشاركين الذين يحملون رؤية إيجابية للحياة كانوا أقل
عرضة لأعراض الوهن من غيرهم. وأكد الباحثون على الحاجة لإجراء
مزيد من الأبحاث لتوضيح السبب في هذه العلاقة.
غير أن الباحثين تكهنوا بأن المشاعر الإيجابية قد تؤثر بشكل مباشر على
الصحة عن طريق تغيير التوازن الكيميائي في الجسم. وربما كان السبب في
هذه الصلة هو أن التوجه المتفائل يساعد في تعزيز صحة الإنسان من خلال
ترجيح نجاح هؤلاء الأشخاص في الحياة.
وهنا أود أن أتذكر معكم قوله تعالى:
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }
[يونس: 58].
فهذه الآية تخبرنا بأن المؤمن يفرح برحمة الله تعالى، هذا الفرح هو نوع
من أنواع السلوك الإيجابي وهو نوع من أنواع التفاؤل الذي يمنح المؤمن
السعادة وطول العمر ويزيد من مناعة جسده ضد الأمراض.
يقول الدكتور جلين أوستير رئيس فريق البحث: أعتقد أن هناك علاقة بين
العقل والجسم حيث أن أفكارنا وسلوكنا ومشاعرنا تؤثر على الوظائف
البدنية وعلى الصحة بشكل عام، إما عن طريق آليات مباشرة مثل وظائف
جهاز المناعة، أو عن طريق آليات غير مباشرة مثل شبكات
الدعم الاجتماعية.
وقد أشارت دراسة أخرى نشرت في المجلة نفسها إلى أن التوجه العقلي
قد يؤثر في الأداء البدني. وفي هذه الدراسة طلب فريق البحث بجامعة
نورث كارولاينا من 153 شخصا من مختلف الأعمار إجراء اختبارات
على الذاكرة بعد أن سمعوا كلمات إيجابية وسلبية.
وتضمنت العبارات السلبية الاضطراب والعته والخرف، أما العبارات
الإيجابية فتضمنت الإنجاز والنشاط والتميز. وأظهرت النتائج أن أداء
الذاكرة عند المشاركين في الدراسة من البالغين كان ضعيفا بعد أن تعرضوا
لعبارات سلبية.
وعلى النقيض كان هناك اختلاف كبير في أداء الذاكرة بين الشباب والبالغين
الذين تعرضوا لعبارات إيجابية. وقال الباحثون إنه دراستهم تشير إلى أنه
إذا تم التعامل مع كبار السن على أنهم أعضاء فاعلون في المجتمع فإنهم
سيكونون كذلك. وقال توماس هيس رئيس الفريق العلمي: قد تكون هناك
أسباب اجتماعية ذات تأثير قوي على أداء ذاكرة البالغين.
وهنا نتذكر حديثاً نبوياً رائعاً ومليئاً بالتعاليم الإيجابية،
يقول صلى الله عليه وسلم:
(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير).
فهذا يحرِّض المؤمن على أن يكون قوياً ليس في جسده فقط بل في إيمانه
وثقافته وأخلاقه وصبره.
والصبر هو سلوك إيجابي عظيم لم يدرك العلماء أهميته إلا حديثاً، ولكن الله
تعالى جعل جزاء الصبر دخول الجنة بغير حساب، وانظروا معي إلى هذا
الوعد الإلهي الرائع:
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
[الزمر: 10].
كذلك فإن القرآن يخبرنا بأن المؤمن لا يحزن أبداً لأن الحزن سلوك سلبي،
ولو تأملنا كلمة (تحزن) في القرآن وجدناها مسبوقة بكلمة (لا) دائماً، وهذا
يدل على أن المؤمن لا يحزن. وانظروا معي إلى هذه الكلمات النبوية التي
جاءت في أصعب الظروف التي مر بها النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم
وهو في الغار، يقول تعالى:
{ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }
[التوبة: 40].
انظروا كيف علَّم النبي سيدنا أبا بكر رضي الله عنه ألا يحزن، والله إن هذا
الكلام لا يصدر إلا من نبي صادق يعلم أنه مرسل من خالق الكون
سبحانه وتعالى.
من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
السبت، 16 يناير 2021
روائع الإعجاز النفسي (44)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق