روائع الإعجاز النفسي (82)
الأثر النفسي للرضا
إن الإحساس بأنك كنت سبباً في هداية إنسان هو أهم إحساس تمر به، فهو
يعطيك نوعاً من القوة والثقة بالنفس، بل ويعطيك قدرة خفية على النجاح
في الحياة، وهذا الكلام عن تجربة طويلة.
إن علماء النفس اليوم يعترفون بأن معظم الاضطرابات النفسية التي يعاني
منها كثير من الناس إنما سببها "عدم الرضا" عدم الرضا عن الواقع،
عدم الرضا عن المجتمع، عدم الرضا عن الزوجة أو الزوج أو الرزق أو
الحالة الصحية .... ويؤكد العلماء "علماء البرمجة اللغوية العصبية" أن
الأفراد الأكثر رضاً عن أنفسهم وواقعهم هم الأكثر نجاحاً في الحياة.
والعجيب أخي القارئ أن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام علمنا كيف
نرضى ونقنع أنفسنا بالرضا كل يوم! فقد كان النبي يقول:
(رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً)، من قالها حين يمسي وحين
يصبح كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!! سبحان الله!
فإذا كان الله سيرضي قائل هذه الكلمات يوم القيامة وهو في أصعب
المواقف، ألا يرضيه في الدنيا؟ وتأملوا معي كيف يركز النبي عليه الصلاة
والسلام على فترة المساء والصباح (حين يمسي وحين يصبح)، لماذا؟
لقد كشف علماء النفس أن العقل الباطن يكون في أقصى درجات الاتصال
مع العقل الظاهر قبيل النوم وبعيد الاستيقاظ، ولذلك فإن هاتين الفترتين
مهمتين جداً في إعادة برمجة الدماغ والعقل الباطن، وعندما نردد هذه
العبارة: (رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً، وبمحمد
صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً)، إنما نعطي رسالة لدماغنا بضرورة
الرضا عن النفس وعما قسمه الله لنا، فالرضا بالله يعني الرضا بكل ما قدره
الله من رزق وقضاء وقدر وغير ذلك من أحداث تتم معنا في حياتنا اليومية.
والرضا عن الدين الذي اختاره الله لنا وهو الإسلام يعني الشيء الكثير،
فهو يعني أننا سنكون من الفائزين يوم القيامة إن شاء الله، وأن مشاكل
الدنيا مهما كانت كبيرة فإنها تصبح صغيرة بأعيننا إذا تذكرنا نعمة الإسلام
علينا وإذا تذكرنا أن الإسلام لا يأمرنا إلا بما يحقق لنا السعادة، وهذا يعني
أننا ينبغي أن نلتزم بتعاليم هذا الدين الحنيف.
إن الرضا عن كتاب الله تعالى يعني أن نقتنع بكل ما جاء فيه، وأن تصبح
آيات القرآن جزءاً من حياتنا وأن نرضى به شفاء لنا، يقول تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ
وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
[يونس: 57].
ويعني أن نفرح برحمة الله تعالى:
{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }
[يونس: 58].
والرضا عن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يعني أن نرضى به نبياً
ورسولاً ورحمة وشفاء لنا، ويعني كذلك أن نطبق كل ما أمرنا به عن قناعة
ومحبة وأن ننتهي عن كل ما نهانا عنه.
بالنتيجة أحبتي إذا أردتم أن تشعروا بالسعادة في كل لحظة من حياتكم، فما
عليكم إلا أن تتوجهوا إلى الله بإخلاص، أن تتوكلوا على الله في كل
أعمالكم، أن تسلموا الأمر كله لله، وأن تضعوا همومكم ومشاكلكم بين يدي
الله تعالى فهو القادر على حلها... أن تحسوا بأن الله قريب منكم بل أقرب
من أنفسكم إليكم، أن تغيروا نظرتكم إلى الله تعالى وتقدّروا هذا الخالق
العظيم حقّ التقدير، أن تستيقنوا بأن الله يرى كل حركة تقومون بها ويسمع
كل همسة أو كلمة تتحدثون بها ويعلم كل فكرة تدور في رأسكم...
هذا هو بنظري الطريق نحو الرضا عن النفس والرضا عن الله والسعادة
الحقيقية، وسوف تصبح كل عبادة تقومون بها هي مصدر للسعادة، وسوف
تصبح كل آية تقرؤونها مصدراً لحلاوة الإيمان، اللهم اجعل القرآن ربيع
قلوبنا وجلاء أحزاننا ونور صدورنا وذهاب همومنا ومشاكلنا.
من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
الاثنين، 22 فبراير 2021
روائع الإعجاز النفسي (82)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق