من أسرار الصلاة
و جعلت قرة عيني في الصلاة
" و لم يقل : " بالصلاة" ،
إعلاماً منه بأن عينه لا تقر إلا بدخوله كما تقر عين المحب بملابسته
لمحبوبه و تقر عين الخائف بدخول في محل أنسه و أمنه ، فقرة العين بالدخول
في الشيء أم و أكمل مِت قرة العين بهقبل الدخول فيه ، و لما جاء إلى راحة
القلب من تعبه و نصبه قال
( يا بلال أرحنا بالصلاة ).
لماذا الراحة بالصلاة؟
أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل كما يستريح التعبان إذا وصل
إلىمأمنه و منزله و قرَّ فيه ، و سكن و فارق ما كان فيه من التعب
و النصب. و تامل كيف قال:
" أرحنا بالصّلاة "
و لم يقل : " أرحنا منها "
كما يقوله المتكلف الكاره لها ، الذي لا يصليها إلا على إغماض و تكلف ،
فهو فيعذاب ما دام فيها ، فإذا خرج منها وجد راحة قلبه و نفسه ؛
و ذلك أنَّ قلبه ممتلئ بغيره ، و الصلاة قاطعة له عن أشغاله و محبوباته
الدنيوية ،فهو معذَّب بها حتى يخرج منها ، و ذلك ظاهر في أحواله فيها ،
من نقرها ، و التفات قلبهإلى غير ربه ، و ترك الطمأنينة و الخشوع فيها ،
و لكن قد عَلِمَ أنَّه لا بدّ له من أدائها ، فهو يؤديها على أنقص الوجوه ،
قائل بلسانه ما ليس في قلبه و يقول بلسان قلبه حتى نصلي فنستريح
من الصلاة ، لا بها.
ابن القيم
الثلاثاء، 23 فبراير 2021
من أسرار الصلاة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق