حكم ومواعظ وأقوال مأثورة
حكمة 17
قال معاوية بن أبي سفيان لضرار : صف لي عليا ، قال : ألا تعفيني ؟ قال : بل
صفه ، قال : أو لا تعفيني ؟ قال : لا أعفيك ، قال : أما إذا أنه لا بد
فإنه كان بعيد المدى : أي واسع العلوم والمعارف لا تدرك غايته فيهما ، شديد
القوى : أي في ذات الله ونصرة دينه ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم
من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس
بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفيه : أي تأسفا
وحزنا إذ هذا فعل المتأسف الحزين ، ويخاطب نفسه : أي بالمزعجات والمقلقلات ،
يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما حضر ، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا
سألناه ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه
هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ويحب المساكين
، ولا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله ، وأشهد بالله لرأيته
في بعض مواقفه وقد أرخى الليل ستوره وغارت نجومه ، وقد تمثل في محرابه
قابضا على لحيته يتململ تململ السليم : أي اللديغ ، ويبكي بكاء الحزين
وكأني أسمعه يقول : يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ثم يقول : يا دنيا يا دنيا
إلي تعرضت أم بي تشوقت ، هيهات هيهات غري غيري قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي
فيك ، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر
ووحشة الطريق ، فذرفت عيون معاوية على لحيته فما ملكها وهو ينشفها بكمه وقد
اختنق القوم بالبكاء ، قال معاوية : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك ،
فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ
عبرتها ولا يسكن حزنها .
السبت، 12 يونيو 2021
حكمة 17
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق