أسرار الكون بين العلم والقرآن (38)
وجوه متعددة لإعجاز الآيات
في الآيات السابقة عدَّة معجزات لا يمكن إنكارها، وسوف نناقش هذه
المعجزات دون أي تأويل، بل سنبقى في المعنى المباشر والواضح للآيات.
وسوف نرى أن هذه المعاني شديدة الوضوح، وبما يتناسب
مع الاكتشافات الكونية الحديثة.
تحدث القرآن عن قول السماء في ذلك الوقت وطاعتها لخالقها، وقد
يستغرب البعض من هذا الأمر، فكيف تتكلم السماء؟ ولكن الأبحاث والاكتشافات
الجديدة أثبتت إمكانية إصدار الأمواج الصوتية من الكون
في مرحلة الدخان أو الغاز.
لقد حددت الآية المرحلة التي تكلمت فيها السماء، وهي مرحلة الدخان،
وهذا ما اكتشفه العلماء اليوم. فهم وجدوا بأن الكون في مرحلة الغاز
الحار والغبار أصدر موجات صوتية نتيجة تمدده.
المنحنيات البيانية التي رسمتها أجهزة الكومبيوتر لكلام الكون جاءت
متناسبة مع قوله تعالى: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾. فهذه المنحنيات لم يظهر فيها أية
نتوءات حادة أو عنف أو تمرد، بل كما أكد العلماء كان صوت الكون
هادئاً وشبهوه بصوت الطفل الرضيع!
يقول العلماء: إن المرحلة التالية للدخان (أو الغاز الحار والغبار) كانت
تشكل النجوم اللامعة أو الكوازارات، وعندما درسوا هذه النجوم وجدوها
تعمل عمل المصابيح فهي تكشف وتنير الطريق الواصل إلينا ويمكن
بواسطتها رؤية الأجسام المحيطة بها.
والإعجاز الأول هنا يتمثل في السبق العلمي للقرآن في تسمية هذه النجوم
بالمصابيح، بما يتطابق مئة بالمئة مع ما يراه العلماء اليوم. أما الإعجاز
الثاني فيتمثل في أن القرآن حدد المرحلة الزمنية التي تشكلت فيها هذه
النجوم وهي المرحلة التالية لمرحلة الدخان.
إننا نجد في قول الله تعالى: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾، حديثاً
عن زينة السماء بالنجوم البراقة، وهذا ما يتحدث عنه العلماء اليوم. فهم
يشبهون هذه النجوم والمجرات والتي تشكل النسيج الكوني باللآلئ التي
تزين السماء!! وهذا سبق علمي للقرآن في استخدام التعابير الدقيقة
والمتوافقة مع الواقع.
لو تأملنا النص القرآني لوجدنا بأن الخطاب فيه موجه للكفار الذين
لا يؤمنون بالخالق تبارك وتعالى:
﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا
ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا
أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ
سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم﴾ [فصلت: 9-12].ِ
وهذا يشير إلى أن هؤلاء الملحدين هم من سيكتشف هذه الحقائق الكونية،
وهم من سيراها، وهذا سبق علمي للقرآن في تحديد من سيرى
هذه الحقائق، لذلك وجَّه الخطاب لهم.
من كتاب أسرار الكون بين العلم والقرآن
للدكتور عبد الدائم الكحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق