الضوء_المنير
من كتب ابن_القيم
رحمه الله
سورة_التوبة
قال تعالى
{ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ }
( التوبة : 49)
نزلت في الجد بن قيس لما غزا رسول الله
( صلى الله عليه وسلم) تبوك قال له :
( هل ياجد في بلاد بني الأصفر ؛ تتخذ منهم السراري والوصفاء؟ فقال
جد : ائذن لي في القعود عنك فقد عرف قومي أني مغرم بالنساء وأني
أخشى إن رأيت بنات الأصفر أن لاأصبر عنهن فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قال ابن زيد : يريد لاتفتني بصباحة وجوههن
. وقال أبو العالية لاتعرضني للفتنة .
وقوله ( ألافي الفتنة سقطوا)
قال قتادة : وما سقط فيه من الفتنة.
الفتنة التي فر منها بزعمه هي فتنة محبة النساء وعدم صبره عنهن
والفتنة التي وقع فيها هي فتنة الشرك والكفر في الدنيا والعذاب
في الآخرة.
لفظ الفتنة في كتاب الله تعالى يراد بها الامتحان الذي لم يفتن صاحبه.
بل خلص من الافتتان. ويراد بها الامتحان الذي حصل معه افتتان.
تعلق العبد بما سوى الله تعالى مضرة عليه إذا أخذمنه فوق القدر الزائد
عن حاجته غير مستعين به على طاعته فإذا نال من الطعام والشراب
والنكاح واللباس فوق حاجته ضره ذلك
ولو أحب سوى الله ما أحب فلابد أن يسلبه ويفارقه فإن أحبه لغير الله
فلابد أن تضره محبته ويعذب بمحبوبه إما في الدنيا وإما في الآخرة
والغالب أنه يعذب في الدارين.
قوله( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)
أي يتألم ويتوجع لا أنه يعاقب بأعمالهم.
وهذا من الدنيا كل همه أو أكبر همه كما قال صلى الله عليه وسلم
( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا
وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه
وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلاماقدر له)
ومن أبلغ العذاب في الدنيا : تشتيت الشمل وتفريق القلب وكون الفقر
نصب عيني العبد لايفارقه ولولاسكره عشاق الدنيا بحبها لاستغاثوا
من هذا العذاب على أن أكثرهم لايزال يشكو ويصرخ منه.
قال بعض السلف : من أحب الدنيا فليوطن نفسه على تحمل المصائب)
ومحب الدنيا لاينفك من ثلاث : هم لازم ، وتعب دائم ؛ وحسرة لاتنقضي
ذلك أن محبها لاينال منها شيئا إلاطمحت نفسه إلى مافوقه.
كما في الحديث الصحيح( لو كان لابن آدام
واديان من مال لابتغى لهما ثالثاٌ)
وأما الرغبة في الله وإرادة وجهه والشوق إلى لقائه فهي رأس مال
وملاك أمره وقوام حياته الطيبة ؛ وأصل سعادته وفلاحه ونعيمه وقرة
عينه ولذلك خلق وبه أمر وبذلك أرسلت الرسل ، وأنزلت الكتب.
ولاصلاح للقلب ولانعيم إلابأن تكون رغبته إلى الله عز وجل وحده فيكون
هو وحده مرغوبه ومطلوبه ومراده كما قال الله تعالى
{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ }
الشرح : 7_ 8)
الجمعة، 3 سبتمبر 2021
الضوء_المنير
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق