الصلاة مكيال
قال سلمان الفارسي رضي الله عنه:
"الصلاة مكيال من وفى وفي له،
ومن طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين"
{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ }
مدنية
( ويل للمطففين ) يعني الذين ينقصون المكيال والميزان ويبخسون حقوق
الناس . قال الزجاج : إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان : مطفف لأنه
لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف .
أخبرنا أبو بكر يعقوب بن أحمد بن محمد علي الصيرفي حدثنا أبو محمد
الحسن بن أحمد المخلدي أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن
الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني
أبي حدثني يزيد النحوي أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال :
لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانوا من أخبث
الناس كيلا فأنزل الله - عز وجل - : " ويل للمطففين "
فأحسنوا الكيل .
تفسير البغوي
بسم الله الرحمن الرحيم
ويل للمطففين
فيه أربع مسائل :
الأولى : روى النسائي عن ابن عباس قال : لما قدم النبي –
صلى الله عليه وسلم - المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا ، فأنزل الله
تعالى : ويل للمطففين فأحسنوا الكيل بعد ذلك . قال الفراء :
فهم من أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا . وعن ابن عباس أيضا قال :
هي : أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة
نزل المدينة ، وكان هذا فيهم ; كانوا إذا اشتروا استوفوا بكيل راجح ،
فإذا باعوا بخسوا المكيال والميزان ، فلما نزلت هذه السورة انتهوا ،
فهم أوفى الناس كيلا إلى يومهم هذا . وقال قوم : نزلت في رجل يعرف
بأبي جهينة ، واسمه عمرو ; كان له صاعان يأخذ بأحدهما ، ويعطي
بالآخر ; قاله أبو هريرة - رضي الله عنه - .
الثانية : قوله تعالى : ويل أي شدة عذاب في الآخرة . وقال ابن عباس :
إنه واد في جهنم يسيل فيه صديد أهل النار ، فهو قوله تعالى :
ويل للمطففين أي الذين ينقصون مكاييلهم وموازينهم . وروي عن
ابن عمر قال : المطفف : الرجل يستأجر المكيال وهو يعلم أنه يحيف في
كيله فوزره عليه . وقال آخرون : التطفيف في الكيل والوزن والوضوء
والصلاة ، والحديث في الموطأ قال مالك : ويقال لكل شيء وفاء وتطفيف
. وروي عن سالم بن أبي الجعد قال : الصلاة بمكيال ، فمن أوفى له
ومن طفف فقد علمتم ما قال الله - عز وجل - في ذلك : ويل للمطففين .
الثالثة : قال أهل اللغة : المطفف مأخوذ من الطفيف ، وهو القليل ،
والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصانه عن الحق ، في كيل أو وزن .
وقال الزجاج : إنما قيل للفاعل من هذا مطفف ; لأنه لا يكاد يسرق من
المكيال والميزان إلا الشيء الطفيف الخفيف ، وإنما أخذ من طف الشيء
وهو جانبه . وطفاف المكوك وطفافه بالكسر والفتح : ما ملأ أصباره ،
وكذلك طف المكوك وطففه ; وفي الحديث : كلكم بنو آدم طف الصاع
لم تملؤوه . وهو أن يقرب أن يمتلئ فلا يفعل ، والمعنى بعضكم من بعض
قريب ، فليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى . والطفاف والطفافة بالضم
: ما فوق المكيال . وإناء طفاف : إذا بلغ الملء طفافه ; تقول منه :
أطففت . والتطفيف : نقص المكيال وهو ألا تملأه إلى أصباره ، أي جوانبه
; يقال : أدهقت الكأس إلى أصبارها أي إلى رأسها . وقول ابن عمر حين
ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق الخيل : كنت فارسا يومئذ فسبقت
الناس حتى طفف بي الفرس مسجد بني زريق ، حتى كاد يساوي
المسجد . يعني : وثب بي .
الرابعة : المطفف : هو الذي يخسر في الكيل والوزن ، ولا يوفي حسب
ما بيناه ; وروى ابن القاسم عن مالك : أنه قرأ ويل للمطففين فقال :
لا تطفف ولا تخلب ، ولكن أرسل وصب عليه صبا ، حتى إذا استوفى
أرسل يدك ولا تمسك . وقال عبد الملك بن الماجشون : نهى رسول الله –
صلى الله عليه وسلم - عن مسح الطفاف ، وقال : إن البركة في رأسه .
قال : وبلغني أن كيل فرعون كان مسحا بالحديد .
الخميس، 2 سبتمبر 2021
الصلاة مكيال
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق