سلِّم أمرك لله وانطلق
إذا أدركنا أن بعد الظلمة نورًا، ومن الموت ستولد حياة سعيدة، ومن الأتراح سيأتي عالم من الأفراح، وأن الفشل سيَعقُبُه نجاح، عندها فقط نكون قد أيقنَّا أن الله تعالى معنا، وأنه يحفَظنا بعينه التي لا تنام، ولُطفه الخفي الذي قد لا نُدركه، لكنه يملأ الأرجاء.
ولكي نصِل إلى هذه المرحلة من التسليم لله تعالى؛ لا بد أن نطهِّر قلوبنا من الأدران والذنوب، ولا يكون ذلك إلا بالقرب منه سبحانه، وعدم تعليقها إلا بالله وحده، لا بغيره من البشر، وأن تكون عامرة بحبِّه، مستسلمةً، خاضعة له، قلوب ساجدة لله راضية بقضائه وقدره.
فما أجمل القلب عندما يكون حديقة غنَّاء، ثمارها حبُّ الله وطاعته؛ عندها فقط سيرى كل ما حوله جميلًا، وكل بلاء يمر به سيكون جسرَ عبورٍ لحياة أنقى وأطهر.
الابتلاءات التي نتعرض لها ما هي إلا عملية تطهير عميقة لأنفسنا، وهي التي تجمِّلنا بخُلق الصبر، حتى نخرج منها ونحن أكثر قوة وإصرارًا على العطاء، وتكون سببًا للتنعُّم بجنة الخلد؛ حيث لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ قال تعالى في كتابه الحكيم: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].
عندما نفكِّر في هذا الكون، وما يحتويه من أسرار عجيبة، وما يجري فيه من أحداث قد تكون مؤلمة أحيانًا، ولكن بإيماننا العميق بالله تعالى، فلا بد للعقل الحكيم والقلب المؤمن أن يدرك أن بعد العسر يسرًا، وبعد الضيق سيأتي الفرج؛ عندها سنقف على أقدامنا من جديد، وسنشق غياهبَ الحياة ونحن أكثر عزمًا على تحقيق ما نصبو إليه في ديننا ودنيانا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق