حدود طلبات الزوج من زوجته
هل من الأخلاق أن يطلب الزوج من زوجته أن تزيد في وزنها أو أن تنقص
منه كأن الأمر يتطلب فقط عصا سحرية ؟؟ وهل في عهد النبي كانت
الصحابيات شغلها الشاغل أن يبدو مظهرها بشكل معين؟ بالله عليكم فهموني حدود طلبات الزوج من زوجته؟
الجواب: هذا الباب يتنازعه أمران:
أولهما: أن المرأة ليست بضاعة مادية، وليست شكلا خارجيا فقط، وإنما هي
مظهر ومخبر .. روح وجسد. لها مشاعرها الخاصة، واهتماماتها الفكرية،
وآمالها وآلامها التي يجب على الزوج أن يشاركها فيها، كما تشاركه
أحاسيسه واهتماماته. وقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم مع زوجاته قدوة في هذا المجال،
ولو شئت تفصيل ذلك لطال بي الأمر جدا.
وعلى الزوج اليوم أن يراعي مشاعر زوجته، وألا يطالبها بما يعسر عليها
فعله أو يشق مشقة بالغة، وألا يجرح أحاسيسها بانتقاد مظهرها،
أو بمقارنتها ببعض النساء الفاتنات المعروضات في سوق النخاسة
العصري. وليتذكر دائما أن هذه زوجته التي يكرمها ويحميها ويقوم
على حاجاتها ويُسأل عنها، لا عشيقته التي همه أن يفرغ شهوته فيها.
والثاني: أن الرجل المسلم في عصرنا ليس كرجال العصور السابقة. الرجل
اليوم يعاني فتنا جسدية تحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فالعري الفاضح
في كل مكان، والتقليعات الفاتنة تلاحقه أينما حل وارتحل، وأعداء الدين
يتفننون في إثارة غرائزه من مكامنها. وبالمقابل، فإن الزواج صعب، والتعدد
أصعب، وملك اليمين مستحيل. ولم يكن الرجال قديما هكذا .. كانت الفتن
قليلة محصورة، وكان الرجل يتزوج كما يشاء دون صعوبة تذكر،
وكان ملك اليمين فوق ذلك متاحا.
فإذا أرادت المرأة أن تقارن بين عصرنا والعصور السابقة، فلتكن المقارنة
كاملة. أما أن تطالب المسكين بأن يكون في أخلاق الصحابة، ولكنه مع ذلك
لا يعدد بالزواج وملك اليمين كالصحابة، فالمقارنة مجحفة جدا!
وقد كانت الصحابيات والتابعيات ونساء المؤمنين حريصات
على التزين لأزواجهن، بما يتيسر لهن في تلك العصور.
والزوجة مطالبة اليوم بأن توفر لزوجها السكن النفسي الذي يحتاج إليه،
وهي مأجورة على ذلك بكل حال، فإنه من حسن التبعل الذي أمرت به شرعا.
ولتبادر إلى فعل ما يرضيه قبل أن يطلب منها ذلك. فإن علمت أنه يحب شكلا معينا، فلتسع إلى تحصيله ما أمكنها ذلك، وليكن هذا في عداد أولوياتها.
لأنها إن حصنت زوجها فإنها تساهم في تحصين أخلاق المجتمع. فهنيئا
لها بهذا الثغر الذي تقوم عليه.
وفق الله رجالنا ونساءنا لمرضاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق